arablog.org

مشروع خولة :لعنة جسد 2

بداية الحرف قطرة حبر سال من ذاكرة معطوبة فتحاول أن تستجمع ذكرياتها بين الكلمات والحروف .. هذا واقع معطوب بين بشر معطوبين .. لا تلتقط ما تعطب منك أملا أنّك ستصلح ما إنكسر .. إرمه وقاتل ولو بذراع واحد أو دون قلب .. لا شيء قابل للإصلاح .. دمر .. دمر فتدميرها بداية تعميرها إيّاك أن تبني على أنصاف أسس .. لا نصف يأويك لا نصف يحييك كن كاملا أو معدما كليّا .. فكلاهما واحد وفاقد الشيء مثل مالكه .. يعيش بطمأنينة فلاشيء يملكه سيخسره .. كلاهما واحد أحدهما فقد لذّة الإمتلاك واخر يئس من قدرة الإمتلاك .. فاقد الشيء مثل مالكه إذن .. هذه مجرّد حروف كتبت بعد تجارب كاملة إلا تجربة واحدة لم تكتمل … وأجمل الأشياء تلك الأشياء الناقصة التي حرمنا منها فنسعى إليها بحماس المحارب وحيوية الأطفال وفي الاخر نحصل ما أجمل منها دون أن ننتبه إلى كلّ ما جمعنا إلا حين نخسرها فنبكيها وننسى ما بكيناه في الأوّل .. لا تهتم كثيرا هل هذه بداية رواية أو مجرّد نصوص نثرت هباء بيأس أنثى تركت الحزن ومسكت قلمها تحارب به .. المهمّ أنّك تقرأ والمهم أنّي أكتب .. سنصل في الصفحات القادمة إلى مشروعنا إلى لذتنا : أكتب إليك فتنتشي .. مازال في هذا العالم مكان للحرف .. قل ما تكتب أقول لك أيّ قلب تمتلك ..
إنّ لذة الكتابة تضاهي لذّة القتل .. اكتب واقتل كل من أذاك في نص.. ترفع عن منازلته على أرض الواقع سيسئ لأخلاقك سيفقدك نبلك الذي جمعته في هذا الواقع البخس ..
سأقتل كلّ الرجال الذين أحببت وكلّ النساء اللواتي عرفتهن بمظهر الضحية .. لا مكان للضحية هنا ولا ضحية تسائل جلادها لماذا فعلت هكذا .. لا يوجد ضحايا كلّنا جلادون حتى وإن لم نؤذ الآخرين ربما تأذت ذواتنا منّا عن طيب خاطر تحت شعارات الحبّ والعشق والتضحية ..
لا تضحي من أجل شيء لا تمتلكه ولن تمتلكه .. لا تضحي إلا من أجل مجدك الشخصي اترك إسمك حارقا بعد موتك يحيّر أعدائك ويحرق دمع أحبتك .. نعم البكاء شطر من مجدك ومن لم يبك عليه أحد لم يسوى شيئا ولم يكن شيئا .. تذكرت جنازة الشهيد شكري بلعيد من أحرق قلب شعب بأكمله من أبكى شعبا بأكمله ومن وحد شعبا تقاذفته السياسة بين اليسار واليمين دون أن يعلم الشعب أنّه يمين حتى وإن إعوج قليلا … نحن يمين ترك اليسار لأهله .. نحن يمين يؤمن بالعربي اليساري وبالإسلامي اليساري وبالليبرالي اليساري .. وبعض اليساريين بيننا يعيشون مأساة الإغتراب يا صاحبي .. يساريون يرقعون بلحمهم غربة اليسار في اليسار ..
مازلت أراوغك على لذّة البياض فهل ستتركني وحيدة أخطّ كلماتي مجرّد بقائك معي يضمن لي الإستمرار في الكتابة وإن رحلت عنّي لن أكتب لا يهمك رأي النقاد ما خططت للنقادّ رأي ولك رأي لا تفرط فيه لأيّ كان حتّى وإن كان عالما كبيرا .. تعلم أن تكوّن رأيك وحدك بعيدا عن سلطة الثابت كن محنة المتحول ولا تترك للأراء المنمقة فرصة أن تنقض على رأيك هذا واقع يقتل كل المتشابهين فلا تتشبه بأحد ..
فتحت خزانتي أبحث عن ملابس ألبسها لا أتذكر بها حادثة مضت أو ذكرى حارقة .. خزانتي خزانة ذكريات كلّ قطعة تذكرني بذكرى ماضية .. برجال أحببتهم إشتريت من أجلهم فستاتينا لأكون أشهى .. أنا نسوية حتّى العظم ولكنّي لم أفقد أنوثتي ألبس وأتعطر وأمشط شعري وأغيّر لونه وعندما يحين موعد الحزن أذهب إلى قصّه .. عملية قصّ الشعر عملية موغلة في الرمزية أضحي بخصلات من شعري قربانا لراحة مستقبلية .. تأملت وجهي في المرآة وجه متعب منهك ولكنّه لم يفقد تقاسيم جماله .. مازلت جميلة .. والجمال في واقعنا الراهن بطاقة هوية لتمرّي بينهم كوني جميلة ولا تصمتي ولا تخنعي ولا تخضعي حاربيهم بجمالك وبقلمك وبفكرك .. وحين يخيب الفكر إستعملي جمالك لتمرّي في أشدّ المحن إيّاك أن تستسهلي الأمر .. إجعليه خاتمة المطاف وكأنّك ستنقذين رقبتك من حبل المشنقة .. قبل سنوات قليلة سبقت الثورة كنت فتاة طيّة جدّا إلى حدّ السذاجة بعد الثورة مازلت طيّبة ولكنّي فقدت السذاجة تركتها على مذبحهم .. سأذبح نفسي إن كنت ساذجة بعفوية أهل الريف جذوري التي لم أفقدها في العاصمة مسقط رأسي .. ألبس على طريقتهم واكل على طريقتهم ولكنّي لا أفكر مثلهم ولا أحس مثلهم .. أنا من سلالة تكرم جيرانها والغرباء عنها .. من مرّ بديارها لا يخرج إلا سالما معافى ومن كان جائعا لا يشبع ولا يرتوي إلا في ديارنا .. مثلها تماما تلك الثورية السمراء التي تركت خبث السياسة وإنتصرت لإنسانيتها رغم غدره .. غدر مناضل إقتات من وقتها سنوات عديدة .. لم تكن إلا هي ولم يكن إلا هو .. ومن كان طيّبا فهو لنفسه ومن كان غادرا هو لنفسه ..
أنا تركت يسار اليمين وخسرت وهي تشبثت بيسار اليمين وخسرت .. أنا لم أخسر كلّ نفسي خسرت القليل منها وهي لم تخسر نفسها .. أنا ناقصة إلا قليلا وهي كاملة .. كلّ شيء يحيل أنّ الأنثى في هذا الوطن خاسرة حتّى وإن ربحت نفسها ولكنّها خسرت أشياء عديدة جعلتها تربح نفسها …

خولة الفرشيشي
يتبع
folaa

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *