arablog.org

الإنتحار والإغتصاب في تونس : إنتحار أو إغتصاب الكرامة والعدالة الإجتماعية.

منذ سنوات الإستقلال الأولى لم تنل جهات الشمال الغربي والجنوب قسطا هاما من التنمية وتكرّس ذلك حتى اليوم ، التونسي يعرف جيّدا أن بعض الجهات في بلاده مخصصة لإنتاج خادمات البيوت وعمال الحظائر وصغار الموظفين لفائدة الأثرياءوكبار الموظفين من الجهات الأخرى ..

لم تعمل الدولة على تطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجهات بل عمقتها وتجاهلت مواطنيها المعزولين في الضفة الأخرى من الجمهورية ، نذكر أنّ الجهات المحرومة “القصرين ، سيدي بوزيد ، قفصة .. ” تحركت في الحراك الثوري ديسمبر 2010 دفاعا عن الشغل والحرية والكرامة الوطنية ورغم تقديمها لشهداء لم يغيّر هذا من وضعها إلى اليوم بل أصبح سكان الجهات المحرومة ماعون صنعة السياسي وأداة إنتخابية تحضر حسب المواعيد والمناسبات السياسية ، الكلّ يمينا ويسارا يقدّم الوعود الإنتخابية لتحسين مستوى العيش دون إنجازات حقيقية تذكر .

قبل أسبوع واحد وجهت الأنظار مرّة أخرى صوب المناطق المحرومة بعد إنتحار طفلة الثانية عشر في القيروان لتردّي الأوضاع داخل المبيت المدرسي الذي لا يصلح أن يكون إسطبلا للحيوانات ، إنتحار شيراز طرح ألف سؤال حول مستقبل الطفولة في بلد يشهد له الجميع بتقدم قوانينه حول الطفل والأسرة .. ترى كيف يمكن لطفلة الثانية عشر الإنتحار أو أنّ الطفل في الجهات المحرومة يكبر قبل اوانه وهل يمكن إعتبار هذا الإنتحار إنتحارا رمزيا لثورة لم تؤمن لأبناءها العيش الكريم فأكرمت نفسها بالموت ؟؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال نسمع مرّة أخرى في غضون هذا الأسبوع إغتصاب طفلة الثالثة عشر في القصرين من طرف خمس وحوش بشرية علما وأنّ الفتاة تقطع مسافة أكثر من 6 كيلمترات يوميا على القدمين .
في بلد يتشدق فيه الخطاب السياسي بالحداثة والديمقراطية تنتحر فيه الطفلة لفقرها وعجزها لسرقة أدباشها التي تعبت أمّها من أجل شرائها تنتحر لأنّها ضاقت بالأكل الوسخ الذي يملأه الدود .. وفي بلد يتظاهر أنّه بلد المساواة بين الرجل والمرأة تغتصب فيه طفلة قاصر لأنّها حلمت أنّها يمكنها تغيير حالها بالعلم لذلك إجتهدت ولم تتضايق من مسافة الخمس الكيلمترات التي تقطعها يوميا دون حماية أملا أن المستقبل سيكون لها .
إنتحار شيراز وإغتصاب الفتاة القصرينية حالة الداخل التونسي الذي لم يتمتع حقّا بالثورة التونسية فلم يجني منها سوى إنتحار أو إغتصاب مطالبه في الكرامة والعدالة الإجتماعية.

شيراز المنتحرة وهذه الفتاة المغتصبة هما من دقّ ناقوس الخطر في وطن لا يعمل مسؤوليه على خدمة مواطنيه وردم الفجوات الطبقية بينهم وبين مواطني الرفاه الإجتماعي .. ! وهما من سيعيدان قضية الشغل والكرامة الوطنية من جديد على السطح بعد محاولات طمس القضية الأولى “العدالة الإجتماعية” بقضايا أخرى جانبية وهامشية كالهوية وتعد الزوجات والتكفير …

إنّ من يؤمن بأنّ هذا الوطن يتسع للجميع سيناضل من أجل أمثال شيراز والفتاة المغتصبة سيتجاوز شخصيهما إلى جهات مثل القيروان والقصرين وجهات أخرى لم تنل من الوطن سوى الإنتساب إليه ورقا دون إنجازات حقيقية تغرس في المواطنين حقّا الإنتماء إلى الوطن .
خولة الفرشيشي

gasrine

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *