arablog.org

داعـــــش تهدّد العقل : الحرية لمحمد الشيخ ورائف بدوي

منذ سنوات نستمع إلى محاكمات وأحكام بالإعدام لكتاب ومثقفين خالفوا العرف السائد وحاولوا الحفر من جديد في التراث الإسلامي بعيدا عن ثنائية التقديس والتدنيس لإستخلاص العبر بعيدا عن هالة القدسية التي يسبغها علماء الدين على التراث الإسلامي .

يعتبر كل من رائف بدوي ، حمزة كشغري أشهر ضحايا النظام الوهابي الذي عاقبهما على ملكة النقد والتفكير هناك في تلك الأراضي يجب أن تكون عبدا تابعا خاضعالا تملك من حرية نفسك سوى أن تشهد بأنّك ملك للحكومة جسدا وفكرا .. جسد تلبس ما يرضي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفكر يسجن في أحكام ما قبل 14 قرنا فلا تحاول أن تقترب من المنطق كأن تحاول أن تنتقد أفكار الثقافة الأصولية بما يتناسب مع الظروف الموضوعية الحالية … نسيت أن أشير إلى أنّ المنطق والتمنطق زندقة وهرطقة في عرفنا الإسلامي وضحايا التمنطق كثيرون منذ قرون من عبد الله المقفع إلى فرج فودة في سنة 1992 .

مؤخرا أصدرت محكمة موريطانية بحقّ الكاتب الصحفي محمد الشيخ بن محمد ولد امخيطير بسبب مقال رأي حول الطبقية في الإسلام حسب وقائع تاريخية مثبتة لا غبار عيها وقد أكدّ الصحفي على نزعة القرابة والمحاباة التي حكمت الرسول في حكمه على أهله في مكة وتملصه منها في حكمه على بني قريظة وقد أدان الصحفي لعب رجال الدين كل الأدوار في كلّ القضايا الإجتماعية مما أدّى إلى تدهور واقعنا .

نلاحظ أننا في القرن الواحد والعشرين مازال النظام العربي وهو ليس مجرد نظام سياسي بل هو نظام أبوي ثقافي ديني يتغطى بالسياسة مازال يمارس الوصاية على الفرد العربي الذي يعتبره قاصرا ولا يميّز بين الخير والشر بين الكذب والحقيقة وبين الدين والكفر ..
مازال النظام العربي نظاما أبويا حتى وإن قدّم نفسه ديمقراطيا وشهد ثورة ، هنا أذكركم بمحاكمة جابر الماجري في تونس التي شهدت ثورة على الديكتاتورية السياسية ولكنّها لم تؤمن باليمقراطية التي تضمن حقّ التعبير وكأنّ قدر هذه البلدان تفصيل الديمقراطية وفق أهواء نظامها الذي لن يقبل أن يتصرف الفرد وكأنّه مالك قراره بل يجب أن يظل قاصرا يراقب ويعاقب إن أخطأ .

يتصرف الحكام العرب وكأنّ الإسلام في خطر لأن مطرقة النقد طالته ربما هم خائفون على عرشهم من الإنهيار فهم يعرفون جيّدا أن نقد المؤسسة الدينية وأفكارها هو أول نقرة فأس لزعزعة بنيانهم فتحرر الفرد يبدأ من تحرره من القوالب الجاهزة وبحثه عن الحقيقة بإعمال العقل لا عن طريق التلقين وهو ما يحدث في نقده للتراث الإسلامي الذي يحيله على رفض الواقع الحالي لذلك يستميت النظام العربي في قمع ملكة النقد والتفكير لدى الأفراد وهو ما يحيلنا إلى مقولة شهيرة : ” كلما زادت الفكرة هشاشة كلما ازداد الدفاع والإستماتة في تقديسها ومنع نقدها” في الحقيقة هذه المحاولات ليست إلا محاولات تأجيل لفعل النقد الكبير الذي سيطيح بالنظام العربي الذي يرتكز أساسا على الدين وستشهد دول المنطقة بناء يمقراطيات حقيقية تستميت في الدفاع على الإنسان لأنّها ذاقت من ويلات داعش التنظيم السلفي الدموي ومن أفكار داعش التي تسكن الفيلات والقصور والبرلمانات العربية والدساتير العربية والبيوت العربية والثقافة العربية حتى وإن تطورت قليلا ببساطة داعش هي العقلية العربية .

الحرية لرائف وحمزة وولد محمد الذين فضحوا النظام العربي وإزدواجيته في تناوله مع مسألة الديمقراطية وحرية الضمير .
كتبت خولة الفرشيشي
salaflaf

4 Comments

  1. Pingback: What Drives Blasphemy Charges in the Middle East? (It’s Not Just Religion) - Global Voices Advocacy

  2. Pingback: ما الذي يحرك التهم بالكفر والردة في الشرق الأوسط؟ ليس الدين وحده · Global Voices الأصوات العالمية

  3. Pingback: Fundación Al Fanar ما الذي يحرك التهم بالكفر والردة في الشرق الأوسط؟ ليس الدين وحده - Fundación Al Fanar

  4. Pingback: Fundación Al Fanar ¿Qué impulsa las acusaciones de blasfemia en Medio Oriente? (No es únicamente la religión) - Fundación Al Fanar

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *