arablog.org

القاتل واحد وإن تفرّق الدم بين باريس وليبيا وجدّة

قبل أيّام قليلة إستهدفت يد الإرهاب صحفييّ الجريدة الساخرة شارلي إيبدو بباريس لتطيح ب 12 قتيلا لا ذنب لهم سوى أنّهم امنوا بحرية التعبير في دولة كفلت لهم حريتهم كما كرامتهم في دولة امنت أنّ الحرية أسمى القيم وأول طريق الحرية تبدأ بحرية التعبير فهي اللبنة الأساسية لبناء دولة المواطنة والحريات .. هي نفس الدولة التي أمنّت لبعض المهاجرين المسلمين الإقامة فيها بشرط إحترام قوانينها وهم نفسهم ” بعض المهاجرين الإرهابيين ” الذين ينتفعون بخدمات الدولة الفرنسية وهم نفسهم الذين يكيلون لها تهم الكفر لأنّها دولة علمانية ضمنت للجميع حقّ المعتقد سواء للمتديّن أو للملحد .
تأتي ضربة شارلي إيبدو في فترة تتسم بتنامي الحركات الدينية المتطرفة والتي تغاضت عنها الدول الكبرى بدعوى محاربة الديكتاتورية داعش بسوريا وداعش بالعراق وبتوالي الضربات الإرهابية بشمال إفريقيا ليفتح من جديد ملف الإرهاب : هل الإرهاب مرتبط أساسا بجغرافيا معينة أو عابر للقارّات لنكتشف جميعا أنّ داعش هي عقلية من يقاتل المدنيين في سوريا وهو نفسه من قتل الصحفيين في باريس .

في نفس هذا الأسبوع الأسود نشر موقع صحفي إشاعة إغتيال الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري على يد داعش ليبيا الذين لم يقترفا أيّ ذنب سوى عملهما بالإعلام والبحث عن الحقيقة في بلد يشهد تتار هذا العصر “داعش ليبيا التي أصبحت أرض الظلامية والرجعية القروسطية بعد إنهيار نظام المعمر القذافي وكأنّ قدرها بين ديكتاتورية وتجهيل أو بين فاشية دينية وتقتيل ..

وهذا اليوم الجمعة 9 جانفي 2014 سيظل ذكرى خالدة في التاريخ الإنساني كعنوان كبير للإرهاب الأسود بعد جلد المدون السعودي معتقل الرأي والضمير بالسجون الوهابية رائف بدوي والمحكوم عليه بعشرة سنوات سجنا و1000 جلدة وغرامة بمليون ريال سعودي والذي جلد هذا اليوم بجانب إحدى جوامع جدّة 50 جلدة في يوم مقدّس لجميع المسلمين وبعد صلاة الجمعة وبعد خطب عن الدين الحنيف دين الرحمة والتسامح من إمام جمعة يشتغل لدى النظام الفاشي والذي أدان هجمة شارلي إيبدو لتنتهي الخطبة بجلد رائف بدوي صاحب الجسد النحيل والفكر التنويري الذي لم تستسغه المؤسسة الدينية بالسعودية والتي تنتهك كل الأعراف في خرق واضح لحقوق الإنسان .

يجلد رائف بدوي لا لأنّه أشهر سيفا أو حرّص الشباب على القتال في سوريا ولا لأنه كفر غير المسلم بل لأنّه دافع عن قيم المواطنة والحرية بإنتقاده أشدّ مؤسسات هذا العصر تخلفا وإنحطاطا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر … مشهد مضحك أو مبكي لا يهمّ الأمر فقد جلد رائف بدوي على أنظار ومسامع العالم المتمدّن من دولة تتعالى على القانون والمواثيق الدولة من دولة تصدّر الإرهاب إلى جميع دول العالم ..
إنّ القاتل الحقيقي في هجوم شارلي إيبدو ومختطف نذير وسفيان وجلاّد رائف ليس إلا العقلية المتكلسة التي لم تخترقها قيم الحداثة بل إزدادت تقوقعا وإنكماشا كردّة فعل على ضرورة الإبقاء على وجودها المهدد في عالم الحداثة .
إنّ القاتل الحقيقي هو من يشجع هؤلاء الشيوخ على إصدار فتاوي تتخالف مع مواثيق حقوق الإنسان كحق الردة والرجم وقطع اليد والجلد كل هذه العقوبات البدوية المتخلفة التي تحفظ عرش ال سعود وغيرهم … على العالم الحرّ ان يقف للقتل والجلد والحرق وعلى العالم الحرّ أن يتصدّى لداعش العقلية لمن يقف وراءها ويمولها ويغذيها حتى أصبحت تنظيما عابرا للقارات .

كتبت خولة الفرشيشي

tour

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *