arablog.org

ياسين العيّاري… وقتلت حرية التعبير من جديد في تونس

تعتبر حرية التعبير أهمّ مكسب في تونس بعد 14 جانفي لم يحدث أن سجن ناشط عقابا على رأيه الشخصي في الرئيس أو في الحزب الحاكم أو في أحزاب السلطة حتى وإن لم تكن في الحكم هنا نقصد بعض الأحزاب المعارضة القوية في عهد الترويكا .

تعود تفاصيل قضية ياسين العيّاري إلى موفى شهر ديسمبر 2014 حيث قامت السلطات التونسية بإيقاف المدون التونسي ياسين العيّاري من المطار بعد عودته من فرنسا وإيداعه السجن تنفيذا لحكم غيابي صادر ضدّه بثلاث سنوات نافذة بتهمة الإساءة للجيش التونسي وقد خففت المحكمة العسكرية بتونس في طور الإستئناف الحكم الغيابي بسنة سجن نافذة .

قام ياسين العيّاري بإنتقاد وزير الدفاع و ضباط سامين في الجيش والتشهير بفسادهم كما أنّه قام بإنتقاد الرئيس المنتخب الباجي قايد السبسي بشدّة وهو شيء لم يستسغه بعض الموالين والمحسوبين على النظام الحالي رغم أنّ الإنتقادات ضدّ الرئيس المنتهية ولايته محمد منصف المرزوقي كانت الخبز اليومي للإعلام التونسي في عهده .

تعتبر قضية ياسين العيّاري مقتلا لحرية التعبير في تونس إذ عرض مواطن مدني في عهد الديمقراطية الناشئة على المحكمة العسكرية التي كانت الخصم والحكم في قضية معقدّة بعض الشيء فالمحكمة لم تتحقق من إدعاءات العيّاري بقدر ما عاقبته على أقواله دون التثبت منها ودون فتح تحقيق رسمي في الإتهامات التي وجهها المدون التونسي ضدّ فساد وزير الدفاع وبعض الضباط .

مرّ الحكم الجائر ضدّ ياسين العيّاري في صمت حقوقي مريب ربما لأنّ العيّاري لم يترك حبيبا أو صديقا فقد أطلق نار نقده على الكلّ يسارا ويمينا وهو اليوم يعاقب على حرية التعبير التي ناضل من أجلها منذ عهد النظام السابق يعاقب ياسين بنفس عقلية النظام القديم وبأيدي بعض رجاله .

للأسف المتأمل في قضية ياسين العيّاري وملابساتها بقطع النظر عن إختلافاته الفكرية والسياسية مع العيّاري يعلم جيّدا أن الضحية في هذه القضية هي حرية التعبير التي يحاول رجال النظام الجديد تدجينها وتطويعها حتى لا تخرج عن سطوتهم وسلطتهم ربما تم إنتقاء ياسين العيّاري كبش فداء للنظام الجديد لأنهم يعلمون أن الكثير سيضحون به وسيرغمون لحكم المحكمة العسكرية الجائر لأنّ مواقفهم تغلب عليهم الإنطباعية والإنفعال ضدّ شخص ياسين العيّاري ولن يتناولوا القضية في سياقها العام وما تمثله من دلالات سلبية بشأن ملاحقة الرأي المخالف والزج به في السجون أو في المنافي وأيضا تقديم المؤسسة العسكرية كذات قدسية لا تقبل النقد ولا الشك في مصداقيتها متناسين أن حراك 17 ديسمبر قد قام أساسا دفاعا على كرامة بائع متجول إنتهكت كرامته من طرف ممثلة عن السلطات الرسمية وقد رفع شعار الكرامة الوطنية شعارا مركزيا لحراك 17 ديسمبر فلا قدسية هنا سوى الإنسان وحريته وكرامته.

من المفروض أن نطالب بلجنة تحقيق رسمية وبإدارة شخصيات مستقلة تفتح التحقيق في الإتهامات التي أصدرها ياسين العيّاري بشأن المؤسسة العسكرية وإعادة الملف إلى المحكمة المدنية حتى يضمن للمتهم حق الدفاع دون أن يكون تحت رحمة الخصم والحكم في ان واحد .

YASSINE AYARI

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *