arablog.org

أبو بكر الصدّيق مجرم حرب ؟!

يعتبر التعذيب أحد أشكال القمع الإجتماعي وتسلط طبقة على طبقة دون منها مستوى سواء لمصالح إقتصادية أو اجتماعية او سياسية تضمن بممارسة التعذيب على الطبقة الأضعف للمحافظة على مكاسبها ومصالحها.
ويندرج التعذيب في الإسلام ضمن ما سلف أي تسلط طبقة على طبقة دونها مستوى : ولكن هل عبّر الجلادون عن مسلك ديني في ممارسة التعذيب أي هل أنّ الدين منظومة قيمية تبيح التعذيب ؟

سنختار في نص هذا المقال الخليفة الراشد أبي بكر الصدّيق وحادثة حرب الردّة نموذجا لمقاربة لتعذيب ولكن قبل الوصول إلى الحادثة وتحليلها سنتعرّض إلى المقتربات الدينية للتعذيب في الأديان بصفة عامة حسب ما ورد في كتاب التعذيب للمفكر العراقي هادي علوي .

اقترن الدين في بدايته بالقربان وكان في الأول تقدّم الحيوانات ثم مع ظهور المجتمع الطبقي أصبحت سنة ذبح البشر سواء عبيدا أو جواري أو فتيات جميلات يقدمن للنهر الهائج وتواصلت نزعة القربنة في الأديان الوثنية وتولي رجال الدين تقديم القرابين البشرية ومع التطور الوعي البشري توقف تقديم القربان البشري ومع ظهور الأديان السماوية حافظت هذه الأخيرة على نزعة القربنة ولكن مع الحيوان .

وترجع القربنة إلى الفداء ويرجع أصلها إلى أسطورة إبراهيم وإبنه إسحاق وهو منسك توراتي ويوجد أيضا في القران وهي تقديم الرجل التقي الذي يرضى بحكم ربّه دون جدال أو نقاش فجزاه الله بكبش بدلا من إسحاق وبذلك تمّ إنقاذ الاباء من سنة ذبح أبنائهم وهو ما يعكس النزعة الدموية في الأديان حسب المفكر العراقي هادي علوي وترتبط هذه النزعة الدموية بعقيدة العقاب الأخروي وهي مستندة على مبدأ الإبادة الجماعية وهي تسمى عذاب الإاستئصال ،إستئصال الكافرين جزاء تكذيب الأديان كحادثة الطوفان نموذجا .

يتضمن جزاء الكافرين أصنافا بشعة من التعذيب أداتها الرئيسية النار وعقاب الكفرة الخلود في جهنم جزاء لأفعالهم في الدنيا .
مبدأ الإبادة الجماعية أو التعذيب يقترن بالإيمان المطلق والكلي ليستلزم موافقة المؤمن على التعذيب .

ومن هنا يمكن أن نستخلص دموية وفاشية الشخصية الدينية خاصة عندما تكتسب سلطة سياسية بإسم الدين يمكن أن تنتهك كرامة الإنسان ويمكن أن نوضح هذا من خلال شخصية نموذجية من هذا النمط : أبي بكر الصدّيق .

لا أحد ينكر إنضباط أبي بكر للشريعة بإعتبارها مصدرا دستوريا وتديّنه وتواضعه إلا أنّه زكى جرائم وإنتهاكات جنوده أثناء الحروب حرب الردّة .

بعد مبايعة أبي بكر خليفة للمسلمين واجه الخليفة مسألة الردّة إذ إعتبرت بعض قبائل العرب دفع الزكاة للخلبة مذلة فإنتهزوا موت الرسول ورفضوا دفعها وقد هدد هذا ميزانية الدولة الناشئة والخروج عن طاعتها وهو ما يجب فرض هيبة الدولة الإسلامية بصرامة وقد كتب أبي بكر لخالد بن الوليد قائد حروب الردّة يقول :” فمن إستجاب أي لدفع الضريبة وأقر له وعمل صالحا قبل منهم ومن أبى يحرقهم بالنار ويقتلهم .. وأن يسبي النساء والذراري ولا يقبل من أحد إلا الإسلام فمن إتبعه فهو خير له ومن تركه فلن يعجز الله ” هنا تخلى أبي بكر عن تدينه ووداعته لتعوضهاالقسوة المفرطة وهو يعود إلى قمعية الشخصية الدينية التي ترتهن بوعائها السيكولوجي بالمكونات الثلاث : نزعة القربنة وعقيدة الإبادة الجماعية وعقيدة العذاب الأخروي على حدّ تعبير المفكر العراقي هادي علوي .

عيّن أبي بكر الصدّيق خالد بن الوليد قائدا على الجيش لمواجهة الردّة فكانت الحصيلة جرائم حرب بشعة إستعملت النار وعقوبة الإحراق علما وأن هذه العقوبة محرمة وقد ورد في تاريخ الطبري في الجزء الثالث أمثلة عن إستعمال هذه الاليات خلال ذلك الصراع حيث قام بن الوليد بمعاقبة قرة بن هيبرة ونفر معه ” ومثل بالذين عدوا على الإسلام فأحرقهم بالنار ورفضهم بالحجارة ورمى بهم في الجبال ونكسهم في الابار وخزقهم بالنبال ” مر وهي أعمال إبادة جماعية لم تحترم فيها حرمة الجسد البشري الذي شوّه بأقصى الات القتل وأبشع أساليب التعذيب وقد كان ذلك بمباركة أبي بكر الصدّيق والذي أمر بإعدام كل من إياس بن الفجاءة وشجاع بن الورقاء حرقا .

لقد قام أبي بكر بتأسيس العنف المشرعن وتحليل ممارسته وقد أخذت ممارساته أبعادا أخرى بل وأصبحت القاعدة العامة التي تقوم على قمع المخالفين لرأي الحاكم .

نتبين أن الإلتزام الديني للحاكم لا يعكس إلتزامه بالمبادئ الضامنة للحرية وكرامة الإنسان فمهمته أساسا هي التأديب السياسي لا الديني حسب شعارات الدين وحين يختلط الدين بالسياسة ينزع عنه قدسيته ويصبح وسيلة لشرعنة القتل والتعذيب .
كتبت خولة الفرشيشي
baker

.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *