arablog.org

المسيحيون العرب أحياء باقون رغم القتل والإرهاب !

تعتبر الثقافة العربية الإسلامية عنصرا هاما من بين عناصر هوية العديد من الشعوب في العالم العربي فهي المشترك أي الثقافة العربة الإسلامية بين هذه الشعوب التي تجعلها تتمايز وتختلف عن بقيّة الشعوب الأخرى إذ تمنحها شخصية لها سماتها الخاصة التي تعبّر عنها وتفرض شخصيتها ونمطها الثقافي الخاص بها المختلف عن بقيّة الأمم الاخرى ، وقد ذهب عالم الإجتماع الفرنسي ألاكس ميشاليلي في كتابه ” الهوية ” إلى إعتبار أنّ الهوية “.. مركب من المعايير الذي يسمح بتعريف موضوع أو شعور داخلي ما وينطوي الشعور بالهوية على مجموعة من المشاعر المختلفة كالشعور بالوحدة والتكامل والإنتماء والقيمة والإستقلال والشعور بالثقة المنبنى أساسا من إرادة الوجود” .

ولم تكن عملية بناء الثقافة العربية مقتصرة على المسلمين فقط بل شارك المسحيين العرب في بناءها وتطويرها من منطلق الإنتماء إلى تلك الأوطان وشعورهم بالتكامل كما عبّر عن هذا ألاكس ميشاليلي ، وقد كان سلمان الفارسي أحد صحابة الرسول أوّل مسلم من أصول مسيحية قد لعب دورا هاما في تطعيم الإسلام بشعارات العدالة الإجتماعية فقد بلغت الجرأة المعرفية بهادي علوي إلى إعتبار أنّ الرسول قد إستفاد من خبرات سلمان لتطعيم رسالته خاصة فيما يخص بالإكتناز فقد ذهب بالقول في كتابه شخصيات غير قلقة في الإسلام : “وكنت قد رجحت في دراستي بمسألة تحريم الإكتناز أنّها قد وقعت بتأثير من سلمان ويتعزز هذا الترجيح في حقيقة كون التحريم جاء في وقت متأخر نسبيا لم يعد فيه القران يعكس الصراع بين الفقراء والأغنياء بنفس الحدّة التي كانت في الطور المكي ” ولم يكن سلمان الفارسي ذو الأصول المسيحية وحده قد أضاف إلى الثقافة والحضارة العربية الإسلامية فقد سار على هذا الطريق كثيرون بعده لم يمنعهم الإختلاف الديني من الإضافة إلى الحضارة التي عاشوا والدفاع عنها وقد ساهم المسيحيين العرب في إنشاء الدواوين وإدارة الدولة في الخلافة الأموية والعباسية إلى جانب مساهمتهم الثرية في الترجمة والعلوم نذكر هنا أنّ أول عملية ترجمة حدثت في العصر الأموي . وتواصل حضور لمسيحيين في العصر العباسي وقد شهد على هذا الجاحظ إذ يقول في رسائله “إنّ النصارى متكلمين وأطباء ومنجمين وعندهم عقلاء وفلاسفة وحكماء… وان منهم كتّاب السلاطين وفرّاشي الملوك وأطباء الأشراف والعطّارين والصيارفة… وأنهم أتخذزا البراذين والخيل واتخذوا الشاكرية والخدم والمستخدمين وامتنع كثير من كبرائهم من عطاء الجزية ” ويعتبر حنين بن إسحاق أشهر مترجمي العصر العبّاسي إلى جانب تأليفه كتابا في الطبّ .

لم يمنع الإختلاف الديني للمسيحيين من الإنخراط في الحياة العامة وتأسيس ركائز الحضارة العربية الإسلامية صحبة المسلمين غير عابئين بالإختلاف الديني فما يجمعهم أعمق من هذا فالإنتماء إلى الدولة أهمّ .

وتواصل حضور المسيحيين في العصر الحديث كالمفكر إدوار سعيد وإيليا أبو ماضي وجرجي زيدان ومي زيادة وميشال عفلق وغيرهم الذي ساهموا بشكل إيجابي في إحياء الحضارة العربية الإسلامية وحمايتها من الإندثار والتذويب أو من مساعي بعض المستشرقين في الإساءة لها وتشويهها فقد كان المسيحيين ركيزة هامة في المجتمعات العربية رغم بعض إنغلاق بعض المسلمين وإعتبارهم مواطنين درجة ثانية طالما أن الغالبية العظمى من المسلمين وصولا إلى ما عاشه مسيحيّ الموصل من جرائم من التنظيم البدوي الدموي داعش وعملية إعدام 20 مسيحيا مصريا بتهمة أنهم كفار متناسين مساهمة هؤلاء في الحضارة العربية الإسلامية وما تضمنته من علامات مشرقة ومضيئة على عكس ما يفعله داعش ومشتقاتها في نسف كلّ الحضارة العربية الإسلامية وتقديمها إلى الاخر على أنّها حضارة قتل ودم ولا تقبل الاخر وتبيح قتل غير المسلم وتقديمها حضارة مغلقة ضيّقة تضيق بنفسها وبالاخر وعاجزة عن التطور والمضيّ قدما نحو عصور النور .

كتبت خولة الفرشيشي

eglises

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *