arablog.org

ظاهرة الإلحاد في العالم العربي : موضة أو موقف ؟؟

أصبح الحديث عن الإلحاد في السنوات الأخيرة بشكل علني وصل إى حدّ إستضافة بعض الملحدين في بلاتوهات الفضائيات والحديث معهم رغم النيّة المسبقة لإزعاجهم وإخراجهم في مظهر المريض نفسيا والفاشل الذي إختار الإلحاد كأسهل الطرق .

في سنوات حكم الترويكا بتونس كانت أشهر قضايا حرية التعبير هي قضية جابر الماجري الذي نشر على صفحته رسوما كاريكاتورية لرسول الإسلام فتم إيقافه والتنكيل به في السجن من طرف السجانين والمسجونين فقد إنقلب الكلّ إلى مدافعين عن الله ورسوله رغم بشاعة الجرائم التي إقترفوها وهو ما جعلهم في السجن ولكن فرصة معاقبة ملحد سيكفر عن بعض خطاياهم ربما كان هكذا يعتقدون بعض المسجونين وفي المقابل ناضلت منظمة العفو الدولية من أجل إطلاق سراح جابر الماجري والتعريف بقضيته في الأوساط الحقوقية العالمية مما أدى إلى قرار حكومي من طرف الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي بالعفو على جابر الماجري وإطلاق سراحه وتسهيل سفره إلى الخارج ومن تلك اللحظة تم إغلاق الملف دون أن نعلم أين مضى جابر الماجري .

في مصر شكلت إستضافة المدوّن إسماعيل محمد على قناة المحور قضية رأي عام فقد تحدث بصراحة عن إلحاده محاولا إقناع المذيعة والضيوف بحججه الذين جعلوا منه مريضا ليقاطع في أكثر من مناسبة والتهكم عليه ومحاولة إخراجه للمشاهد في مظهر المختل عقليا وبعدها كانت إحدى الملحدات المصريات “وهي طبيبة “ضيفة على برنامج مصري تقدّمه المذيعة ريهام سعيد التي لم تتناقش مع ضيفتها بحجج دامغة بقدر ما لعبت على مشاعر المتدينين في مصر بمحاولاتها في شتم وبخس ضيفتها وصولا إلى طردها من البرنامج في حركة تبيّن عجز المتدين في مقاومة الملحد فكريا والإجابة عنه بحجج ربما تقنعه ليعود إلى الإيمان أو ليخلق حالة ديمقراطية في الحوار العربي بين المتدين والملحد يقينا منهما أنّ الحقيقة لا توجد إلا في الحجج العقلية السليمة لا في الصراخ والتكفير وتهييج المشاعر الدينية للنيل منهم .

وفي موريتانيا حوكم الصحفي محمد ولد الشيخ سنة 2014 بالإعدام عقابا على مقاله الذي كتب بناء على حوادث تاريخية موثقة في عدة مصادر تاريخية وقد خلق هذا إستياء عميقا لدى النخب والمنظمات الحقوقية العالمية ربما لأنّ هذه البلدان أي ذات الغالبية المسلمة أصبح لها باع في تصفية العقول التي تفكر خارج القطيع الموصى به .

ومنذ سنوات بفلسطين وتحديدا برام الله سجن المدوّن وليد الحسيني بعد إعلانه الإلحاده وقد أقرت السلطة الفلسطينية سجنه في أكتوبر 2010 بعد ما إعتبرته إهانه الشعور الديني والتعدي على أرباب الشرائع وإثاره النعرات الدينية والمذهبية والطائفية من طرف وليد الحسيني الذي بات مهددا في بلده بعد إكمال عقوبته مما جعله يقرر اللجوء في فرنسا محافظة على حياته التي أصبحت مستحيلة هناك فالكل يتأهب للقضاء عليه نصرة للدين .

وفي السعودية سنة 2012 شكك في إيمان رائف بدوي مؤسس الشبكة الليبرالية السعودية وإعتباره مرتدا على الدين الإسلامي وذلك لنشره مقالا ينتقد فيه هيئة الأمر بالمعروف والنهي على المنكر وطلب إقالة رئيسها وعرضه على محكمة العدل الدولة لبشاعة ما إقترفه في حق الناس المتضررين وقد حكم على رائف بدوي بعشر سنوات سجنا و1000 جلدة ومليون ريال سعودي هذا وقد نفذت السلطات في حقه الخمسين جلدة الأولى علنا في مظهر مقزز لينتفض العالم ويدين هذا الفعل الهمجي ويطالب بإطلاق سراح رائف بدوي .

بعد ما سميّ بالربيع العربي أصبحت حرية التعبير في متناول النخب والشباب وقد إستغل الملحدين هذه الفرصة خاصة بعد ظهور الإسلام السياسي كبديل للديكتاتوريات السابقة والفشل الذريع للأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية في إدرة البلد وأيضا في إثارة بعض النعرات الطائفية كما حصل في مصر وتشجيعهم على الإرهاب في سوريا وتسهيل هجرة الشباب إلى هناك ” راجع تصريحات الحبيب اللوز ” وأخيرا ظهور داعش وجرائمها المنافية لقيم الإنسانية فهم يشبهون إلى حدّ كبير وحوشا مفترسة متعطشة للدم ومستعدة أن تقتل الجميع من أجل رؤية الدماء .. كل هذا ساهم في إزدراء الإسلام من طرف الكثير فوجهوا بوصلتهم نحو الإستقالة الدينية وغض الطرف عن الأديان بوصفها سببا للدمار والقتل وبالتالي أصبح الحديث عن قيمة الإنسان وضرورة المحافظة عليه من الجرائم التي ترتكب بإسم الدين في ظل إنعدام رفض شعبي لما تفعله داعش وأيضا لردات الفعل الغير مدروسة من طرف الأزهر الذي لم يكفر داعش في خطوة أولى حين أصدر فتواه لا يجوز قتال المسلم مهما إختلفنا معه ثم ليطالب بصلب وتقطيع أوصال أعضاءها ردا على خروقاتهم المادية الشنيعة التي إرتكبت بإسم الإسلام خاصة بعد حرق الطيّار معاذ كساسبة ..

إنّ الملحدين في العالم العربي وشمال إفريقيا ،خاصة هؤلاء ذوي المرجعية الإسلامية لهم أسبابهم المعقولة والمفهومة ويجب على القارئ أن يتفهمها في رفض هذا الدين الذي لم يطوّر وظل يتوارث عن طريق عقول جامدة متكلسة لم تؤمن أنّ النقد يطال كلّ الأشياء وحتى الأديان نفسها فالإلحاد ظاهرة تتنامى في العالم العربي كردة فعل على العنف والقهر الذي يمارسه الدين ضدّ المختلف والإلحاد موقف سلمي عكس ما يصوره المتديّن ومن يريد المحافظة على الدين من الأفضل أن يراجع الإرث الإسلامي بما يوافق العصر الحالي فنحن لا نشك أن للدين وظيفة بنائية منذ نشأته نجح في إرساء اللحمة والتماسك الإجتماعي بين أفراد المجتمع وحافظ على النوع البشري ولكن أن يقتل الدين اليوم الناس بتهمة الكفر فهو للأسف يحفر في قبره بيده لا بأيدي الخارج والصهيونية كما يحاول أدعياء التقوى زرع هذا في الناس .
خولة الفرشيشي

athe

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *