arablog.org

سفر المرأة بترخيص أبوي في بلد حرّر المرأة !!

كثيرا ما كانت المرأة التونسية موضع حسد من سائر شقيقاتها في المنطقة يرجع هذا إلى مكانة المرأة في المشرع التونسي الذي حاول بإجتهادات المصلحين والسياسيين منذ الإستقلال وبناء الدولة الوطنية أن تكون المرأة مواطنا فاعلا لا كائنا خاضعا وتابعا لسلطة الرجل ومن هذا المنطلق منع تعدد الزوجات والطلاق باليمين وحدّد الزواج بسنّ معينة بغية حماية القاصرات من الزواج المبكر وما ينتج عنه من مشاكل جسيمة إضافة من حقها في إختيار الزوج والحق في المطاالبة في الطلاق وحضانة الأبناء مرورا بالإتفاقيات التي فعلت من أجل ضمان حقوق الطفل كحقه في النسب سواءالمولود في إطار الزواج أو خارجه وصولا إلى حقوق المرأة السياسية والإجتماعية وحمايتها من كل أشكال الحيف وتظل مجلة الأحوال الشخصية التي سنت في 1956 في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ، الضامن أي مجلة الأحوال الشخصية لحقوق المرأة التي لم تنل منها النهضة وهي حزب ذو مرجعية دينية أثناء توليها الحكم ما بعد 23 أكتوبر 2011 إلى يوم خروجها من الحكم .

وقد وقفن النساء في تونس طيلة حكم الترويكا وتظاهرن ضدّ كلّ محاولات التطويع والترهيب ليثبتن للعالم أجمع أن حقوقهن ممارسة فعلية وليست مجرد قوانين موضوعة فحقوق المرأة كانت ولا زالت خطا أحمرا لا يقدر أحد عن الخوض فيه أو التراجع عن مسيرة التحديث والنضال الكامل من أجل المساواة الفعلية بين الجنسين ، ولكن في سنوات حكم الترويكا وتحديدا سنة 2013 سنّت السلطة انذاك قانونا يسيئ إلى المرأة التونسية ومكانتها في المشرع والمجتمع التونسي والعالم وهو قانون سفر التونسية دون الخامسة والثلاثين بترخيص أبوي أو بإذن زوجي نحو عدّة بلدان كسوريا وتركيا وبعض الدول الاخرى وهو إجراء مستحدث جاء أساسا في اطار مناهضة ظاهرة ما سميّ الجهاد في سوريا والذي إستقطب الكثير من التونسيين والتونسيات وفي الحقيقة كان هذا الإجراء لكلا الجنسين ولكن للأسف مازال إلى اليوم معمولا به في ظلّ حكومة تدعي انها حكومة ديمقراطية وحداثية حسب وعودها الإنتخابية التي قطعتها فقد أكد أعضاء الحزب الفائز أن حكومتهم جاءت لتقطع مع جذور التخلف والأفغنة لتونس والتي كان مشروعا قائما بذاته لدى الحاضنة السلفية والعودة إلى المشروع الأول التحديث وتحرير المرأة من كل أشكال الظلم ..

يظل هذا القانون مسيئا لكرامة المرأة التونسية التي قطعت أشواطا كبيرة في درب الحرية والمساواة ومجرد العمل به إساءة لنضالات النساء ولجهود المصلحين والمناضلين وإقرار ضمني أنّ المرأة التونسية حتى وإن تحررت فهي مازالت ملكا لسلطة الرجل وغير قادرة على تقرير مصيرها حتى وإن بلغت من العمر فوق الثلاثين وأتت من العلم درجات فمجرد الترخيص لها بالخروج خارج حدود الوطن ينسف حريتها ويعيدها إلى نقطة البداية “أنّ المرأة ناقصة عقل ودين ” ولا تستطيع أن تعرف مصلحتها وتدير أمورها بمفردها … للأسف بلد محرّر المرأة الطاهر الحداد يتقهقر ويعود إلى الوراء خطوات فهل سيطول صمت المناضلات النسويات والجمعيات الحقوقية حول قانون العار هذا ؟؟
خولة الفرشيشي
ملاحظة : الصورة بعدسة خولة الفرشيشي في مظاهرة 8 مارس 2013 بالعاصمة
femmess

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *