arablog.org

والــــرجل أيضا ضحية المجتمع الذكوري !!

يقول لوركا : ” ما الإنسان دون حرية يا ماريانا ؟ ..
قولي لي
كيف يمكن أن أهبك قلبي إن لم يكن ملكي ….
كيف يمكن أن أحبّك إن لم أكن حرّا ”

كم من رجل صرح بهذا وهو يترك حبيبته لأنها ليست على مقاييس المجتمع ومجرد الزواج بها يشكلّ تحدّيا للمجتمع وقوانينه الذي سينبذه إن خرج عن الخطوط التي رسمها وضبطها فالرجل مسلوب الحرية ممنوع من الإختيار .. ، نعم الرجل أيضا ضحيّة المجتمعات الذكورية لأنّه فقد حرية إختياره ولا يقدر على مواجهة الموروث الثقافي فإختار الطريق السهل إستعباد المرأة حتى يثبت رجولته في مجتمع يؤمن أن الرجولة تنطلق أساسا من إستعباد النساء اللواتي لا يتذكر حقوقهن أحد سوى في مناسبات كرنفالية لا غير .

تتوجه الأنظار غدا إلى المرأة في عيدها العالمي 8 مارس ولتبدأ الأقلام في إدانة الرجل وكيل كلّ الإتهامات بشأن إستعباد المرأة وإضطهادها في المجتمعات الذكورية .. دون أن يخطر ببال أحد أنّ الرجل ضحية هذه المجتمعات وثقافتها وأن تحرير الرجل تحرير للمرأة وطريق الحرية يبدأ أساسا من توجيه سهام النقد إلى الثقافة ومعاييرها الإنتقائية الظالمة .

يولد الرجل في المجتمعات الذكورية وسط فرحة زائدة عن مقدم المولود الأنثى ، مع ولادته تنصب الخيام وتقام الولائم ، يكبر مع أمّ تعلمه في كلّ لحظة إحتقار الأنثى مراقبتها وضبط حركاتها فهي عاره إن خرجت عن المعايير الإلزامية لثقافة القبيلة والمجتمع فهو الذي سيحمل ذنبها ولا راحة إلا بموتها .. ينشأ الرجل في مناخ الدم فمن العادي أن يقتل أخته ويبارك الأب والأمّ هذه الجريمة فتسمى جرائم شرف شرف الذكر يبدأ أساسا من سمعة البنت وما بين فخذيها فسمعة الفتاة تبدأ من رضوخها لقوانين المجتمع وإنضباطها الكلّي له ، والرجل في مجتمعاتنا إن دلل زوجته وترك لها الحرية في أخذ القرارات المصيرية فهو ضعيف وتافه ومسحور وذو شخصية ضعيفة والرجل الذي يترك الحرية لأخواته كما يعيشها ليس رجلا بل هو عبد الشيطان ووساوسه يفرط في شرفه بسهولة ولا يستحق لقب رجلا الذي يعتبر شرفا كبيرا في مجتمعات الذكورة .

وينشأ الرجل في بيئة تميّزه عن البنت وأول ما يبدأ التمييز يبدأ بالأكل الأفضل كاللحمة الكبيرة التي تحرم منها الإناث لتوضع أمام الرجل فاثقافة الغذائية أيضا لصالح الرجل فهو عمود كلّ الأشياء ودونه لا تستقيم الحياة وتميّزه بالحرّية الزائدة عن حرية البنت فيدخل متى شاء ويخرج متى شاء وحين تفتح الفتاة فمها مطالبة ببعض الحرية التي تمتع بها الأخ تخرس وتهان : ” ماك إلا مرا وماهو إلا راجل .. والرجل لا يعيبه شيئ ” … ويعيش في مجتمع يغفر له كل المساوئ والشرور التي إرتكبها بمجرّد لحية تجبّ ما سبق فهي تعيد الثقة بينه وبين المجتمع فلحية الرجل في هذه المجتمعات شهادة شرف تؤهله لنيل رضى الجميع وتؤهله أن يبدأ حياته من جديد حتى ولو خاض أشنع التجارب في عرف المجتمع وهذا يعتبر حظوة لا تتمتع بها الفتاة التي خرجت عن أعراف القبيلة فللأسف ليس لها لحية تؤسس بها لعهد جديد يغفر لها ما سبق .

أولّ من يعلّم الولد أو الرجل أبجديات العنصرية وكره النساء هن النساء أنفسهن أقصد الأمهات فهن يتبارين في حشو أدمغة أولادهن بكلّ القيم الذكورية من قبيل أنت من يحافظ على شرف العائلة راقب أخواتك جيّدا إيّاك أن تتراخى مع النساء فهن أخوات الشيطان ، فهناك نساء أيضا تستبطن دونيتهن قبل أن يقرّ بهذا الرجل ويرجع هذا أساسا الفكرة التي يرتكز عليها المجتمع الذكوري وهي أولّ مقومات وجوده وتجدده هي الفكرة الدينية التي تروي خطيئة ادم والتي كانت سببها حواء وإنطلاقا من تلك الأسطورة الدينية بدأ العمل في تكبيل المرأة وإستغلالها لصالح الرجل طواعية وكأنّ رضائها بهذا الظلم والقهر تكفير عن خطايا حوّاء والتي تحملت أوزارها كل نساء المجتمع الذكوري وتلقين الرجل إبنها أصول إستعباد النساء يدخل أساسا في التكفير عن الخطايا والشرور فالمرأة الشهوة و الكائن الشيطاني مجرّد الإيمان بدنس الأنثى زريعة إبليس في هذا العالم ضمان طاعة الربّ ودخول الجنّة .
منذ تلك العصور الغابرة أصبح الرجل ضحية مع المرأة لا يقدران على العيش منفردين ولا يقدران على العيش متوازيين فالرجل في المجتمع الشرقي ليس رجلا كاملا إن لم يعتمد الأسلوب العمودي مع النساء أي أنّه السيّد الذي يأمر والمرأة بمثابة ملك يمينه تنفذ ما أمر به .

أختي وصديقتي ورفيقتي وزميلتي قبل أن تطلقي شتيمة في حقّ الرجل تمعنّي في هذا الموروث البالي الذي وأد حرية الجميع رجالا ونساء وسلبهم حرية الإختيار قولي لشريكك : أنت أيضا ضحية فهات يـــــدك وتعـــال نناضــــل جنبا إلى جنب يا أخي !!

كتبت خولة الفرشيشي

tunisie45

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *