arablog.org

فاجــعة باردو من الصدمة إلى التندرّ والإحتفال بالحياة

لا يخفى على العارف بطبيعة التونسي أنّه ميّال إلى التندرّ والسخرية حتى في أشدّ وأصعب المواقف ، فهو يعرف كيف يخرج من الصدمة ويصنع منها بسمته .. بعد 14 جانفي ظهرت قدرة التونسي على صناعة الكوميديا من المشهد السياسي ليطلق سهام السخرية على الجميع يمينا ويسارا ووصل حدّ السخرية إلى السخرية من الإرهاب والإرهابيين بالشعانبي أول معاقل الإرهاب بتونس .. بعد أيّام قليلة من الحادث المأساوي “أحداث باردو الأليمة ” والذي راح ضحيته 22 شهيدا من السياح الأجانب والتونسيين ، حاول المواطن التونسي أن يخرج من أزمته حتى لا يتغلب عليه الخوف على مستقبله ومستقبل البلد من الإرهاب .. فالتونسي قادر على مقاومة الموت بالبسمة هكذا هي ميزته ربما سيستغرب الجميع هل يمكن أن يضحك التونسي في واقع متسمّ بالإرهاب ؟ ولكن هذه الشخصية التونسية التي لا تعرف الحزن والإستسلام بل تصنع من مأساتها سبل مقاومتها .

شرّ البليّة ما يضحك ” حتى وإن كانت البليّة حادثا إرهابيا في العاصمة ” وقد إنعكس هذا على الفضاء الإفتراضي والشبكات الإجتماعية في الأيّام الأخيرة والتي إمتلأت بتعاليق هزلية ومضحكة من قبيل : الحمدلله أننا لسنا متعودين على زيارة المتاحف ولو كنا كذلك لكنّا في عداد الأموات .. كما تواصلت السخرية إلى إنشاء صفحة على الفيسبوك للكلب البوليسي عقيل والذي راح ضحية الأحداث الأخيرة تحت شعار ” ما أشرف هب هب يا شهيد الوطن ” إلى خلاف ذلك من النكت والضمار التونسي أي المزاح الذي يستطيع أن يقلب الحزن إلى الفرح حتى لا يستسلم التونسي لثقافة الموت التي يحاول البعض نشرها في تونس رغم علمهم أنّها ثقافة دخيلة عن الشعب التونسي ولم تسلم الحكومة من السخرية والتي لم تعلن الحداد إبانّ أحداث باردو على عكس الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي الذي عرف بإعلان الحداد بعد كلّ حادث إرهابي وقد جاءت هذه المقارنة بشكل هزلي ساخر على صفحات الفيسبوك وتويتر كما تفاعل التونسيين مع الحملة العالمية لمساندة تونس خاصة الحسناوات اللواتي رفعن شعار أنا باردو قائلين إن لم تأتين إلى تونس سنذهب إليكن كذلك كان الحال مع الفتيات التونسيات اللواتي تفاعلن مع تضامن الشباب من مختلف أنحاء العالم .

arabia
هذه الصورة من موقع العربية نت

كما أظهرت الأحداث الأخيرة تمسك اغلب الشعب التونسي بقيم حقوق الإنسان والديمقراطية أهم مكاسب ما بعد 14 جانفي وذلك بعد أن عبّر البعض سواء من النخب أو من العامة عن حنينهم إلى المنظومة القديمة ورغبتهم في تمرير قانون الإرهاب وهو محلّ جدل كبير في الأوساط الحقوقية والسياسية هذه الأيّام لم يحسم بعد .

في نفس الوقت مازالت تظاهرة أيّام قرطاج الموسيقية تواصل عروضها بعد الأحداث الأخيرة كتحدّي للإرهابيين أننا شعب يقاوم الإرهاب بالثقافة لتغص شوارع العاصمة بالمواطنين لحضور فعاليات الدورة الثانية ملبّين الرغبة في الحياة والسلام وليقولوا بأعلى أصواتهم على طريقة محمود درويش : ونحن نحبّ الحياة إذا إستطعنا إليها سبيلا … وكيف لا نجد لها سبيلا ونحن في تونس التي لم تنهزم ولم تنحن رغم ما مرّت به من مصائب وخيبات بل بالعكس جعلتها أكثر شموخا تطاول السماء في علياءها .

خولة الفرشيشي

hab

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *