arablog.org

عن الحبّ والزواج هنا وهناك !

حين يتزوّج الرجل والمرأة في المجتمعات المتقدّمة فهما بذلك يتوجان قصة حبّ وسلسلة من الطموحات وأحيانا ثمرة حبّ طفل سيولد قريبا وسيضفي على حياتهما الكثير من السعادة ، لا يعتبر الزواج في المجتمعات الحرّة والإنسانية إستثمارا إقتصاديا للأخلاق والعادات والتقاليد بل هو لحظة أختيار حرّ وليس إلزاما أو هربا من صفات العنوسة أو أخرى أخلاقوية تتفنن فيها المجتمعات الذكورية سواء للمرأة أو للرجل الذي يمكن أن تضرب فحولته في مقتل بشائعة ولكن يبقى بأقل حدّة على عكس الفتاة التي تقتل معنويا آلاف المرّات فكم من فتاة مات قبل أجلها لأنّ سمعتها قد ألحقت بها الأذى فعزف عنها الجميع .

يعتبر الزواج في مجتمعاتنا خاصة لهؤلاء الذين لم يتمكنوا من عيش حياتهم الجنسية في فترة العزوبية إذ كانت مغامراتهم عبارة عن دروس تطبيقية للإمتحان القادم “ليلة الدخلة” التي مازالت في المخيال الشعبي ليلة الفتح والغزو الذكوري لذلك يعتبر الزواج لدى فئة معينة من المجتمع وهي الفئة الأشدّ إخلاصا لذكوريتها عبارة عن صفقة رابحة مقابل عفة المرأة وعذريتها تسند لها الهدايا والذهب وإقامة الليالي الملاح تعتبر العذرية قيمة إقتصادية هامة يمكن أن تستغلها الفتاة معنويا للحصول على ما ترغب وبرضى الرجل أيضا ، فالرجل هنا سيفوز بوضعين : الفارس الذي سيفتح أبوبا جديدة وسيريق الدم وهو ما يرضي غروره وأخلاقه التي تربى عليها ومن جهة أخرى سيربح علاقة جنسية دائمة تقيه من التشرّد الجنسي وأحيانا الكبت وفي نفس الوقت وجد من ستعتني بطعامه وشرابه ونظافة هندامه للأسف مازالت هذه العقلية تشتغل بنشاط في مجتمعاتنا حتى وإن لاحظنا تهافتها في بعض الأحيان ولكن مع إنتعاشة الثقافة الأصولية إنتعشت الثقافة الذكورية وعادت مقولات أنّ المرأة لن تدخل الجنة إلا برضى زوجها فأعيد الخوف من غضب الربّ إلى قلوب النساء حتى وإن ظلمن على أيدي الرجال فالجنّة تستوجب الطاعة المطلقة والتغاضي عن ظلمهم .
من العيب أن يساعد الرجل زوجته في أعمال البيت وتحمل أعباء مسؤولية الأطفال هكذا ترى الأمور في مجتمعاتنا فمن يفعل هذا يعتبر في العرف الإجتماعي ناقص رجولة أو عبد زوجته الذي خضع إلى سيطرتها ، فأغلب علاقات الزواج في هذه المجتمعات شبيهة إلى حرب وهمية تديرها الأوهام بضرورة إخضاع طرف على حساب طرف لتسيير الحياة فالزوج والزوجة ليسا خطين متوازيين وليسا في علاقة أفقية تضمن التشارك والتفاهم بل هما في علاقة عمودية وكأنّها علاقة بين سيّد وعبد بالمقاييس الجديدة تكرّس التمييز ضدّ طرف معيّن في مؤسسة الزواج .

يموت الحبّ في مجتمعاتنا رغم أننا أكثر المجتمعات التي كتبت في الحبّ وتغنت به يرجع موت الحبّ إلى لأنّ كل طرف لا يتحمل الطرف الاخر ويقبل كما هو بشخصيته المتفرّدة ، كلّ طرف يسعى إلى السيطرة على الطرف المقابل ومحاولة أن يتشبه به في كلّ شيء فالإختلاف هنا في مجتمعاتنا ضريبة شاقة يدفعها الطرفين وعادة ما يكون سببا في هدم العلاقة ، لم يفهم الأفراد هنا أن الحوار يمكن أن يخفف من وطأة الإختلافات يلغي الخلاف ، فمازال الأفراد هنا يتهربون من المواجهة مع الاخر وشرح وجهات النظر ، فتنتهي أغلب العلاقات هنا بنوع من الخشونة والقسوة وقليلا جدّا أن تجد عكس ذلك .

حدثني صديقي التونسي بفرنسا عن زواجه الناجح بالفرنسية وعن علاقته بأطفاله المبنية أساسا على ثقافة الحوار ففي كلّ مساء على الساعة السادسة وقبل العشاء يلتئم شملهم على طاولة المشروبات وهو تقليد فرنسي صميم يتحادثون عن تفاصيل يومهم وتفاصيل مشاريع الغد ، إنتقل ذهني هنا إلى الاف العائلات هنا وكيف تعيش تفككا أسريا هائلا لغياب ثقافة الحوار ما بين أفراد العائلة ، فالأب يعتقد أنّه بتوفير الأموال قد قام بمسؤوليته كاملة والأم ينهكها العمل خارج وداخل البيت فتستقيل عن تربية الأبناء وأما الأطفال يكبرون بمعزل عن أوليائهم وربّما يمرّ عمر طويل لم يفهم فيه الوالد ولده ولا الولد والده كلّه جائز بغياب التواصل والحوار فيما بينهم .

إنّ تغيير المجتمع يبدأ أساسا بنسف البنى الفكرية القديمة المكرسة للتفاوت والتمييز بين الجنسين وأول خطورة في طريق الحريّة يبدأ أساسا من العائلة فإن امن الأب والأم بتقاسم الأدوار داخل وخارج المنزل سيساهم هذا في إنتاج جيل أقل عقد من الأجيال السابقة ربما سيكون سببا في تغيير المجتمع وتحريره من الرواسب الثقافية القديمة .

كتبت خولة الفرشيشي

FAMLLE  ze

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *