arablog.org

يوميات إمرأة تونسية لا أكثر ولا أقلّ !

أنـــا إمرأة تونسية ولدت على أرض قرطاجنة وتمازغت ، أرض عليسة والكاهنة ونساء عظيمات كتبن أحرفهن من ذهب في سجلات التاريخ ، أنا تونسية كتبني شعراء بلادي ، الصغيّر أولاد حمد في قصيدة نساء بلادي نساء ونصف وكمال بوعجيلة في قصيدة التونسيات هن الجميلات … ولدت في مجتمع أقلّ ذكورية من باقي الدول الشقيقة ولكن يبقى ذكوريا حتى وإن فقد ثلاثة أرباعه … مازلنا نناضل من أجل إزاحة الربع الأخير وسننجح يوما ما … يبدأ أهل الشرق صباحهم بفيروز ونحن نبدأ بموسيقانا التونسية الجميلة بأغاني الهادي الجويني ومحمد الجموسي وسيد علي الرياحي والسيّدة نعمة وعلية … لا صباح يبدأ دون عذوبة كلماتنا ولهجتنا الحلوة بكلمة “نهارك زين .. نهارك دقلة وحليب ” نغرق بها جيراننا وأحبتنا بإبتسامة عريضة رغم حوادث الإرهاب والخطف والقتل ورغم صعوبة العيش في وطن بدأ يضيق بأبناءه .

من ميزة التونسية أنّها عاشقة بإمتياز للحياة تبكي وهي في كامل أناقتها حتى وإن إختلط الكحل بالدموع وسال على الوجه فهو ساح ليقول إنّ السواد زائل ولو بعد حين … يبدأ اليوم بالعمل بقراءة الأخبار فقد صار الوطن يختصر في نشره أخبار .. ورغم ذلك مازلنا نقاوم ونقاتل .. من أجل كرامته ولم نلغي أفراحنا ولم نستسلم إلى الحزن ، فحين يضرب الطبّال على طبلته تهبّ النساء إلى الفرح والرقص وحين تقوم النساء بتأمين العولة تحتفي البيون بلمّة النساء ويصبح الكسكسي والمحمص من ايات الفرح في البيت ، تصنع المرأة فرحتها من كلّ شيء ومن لا شيء وكأنّها تقول “كتب علينا الفرح وإنا نحن له لصانعون ” … لكل مناسباتنا طقوس جميلة وحلوة زيارة الحمّام طقس إحتفالي صاخب وعلى النساء إقتناء العطور والمراهم العلاجية والعنبر وتحضير كل الملابس الفخمة لتفرح فالفرح شيفرة النساء قابلة للتبادل في كلّ الأماكن والمناسبات وأفراحنا ليال ملاح سبع ليال وأيّام وولادة المرأة ونفاسها طقس إحتفالي لا يقلّ اهمية عن عرسها ونحن رغم قيم الحداثة لم نقطع حبنا للأولياء الصالحين والتبرّك بهم كل من تأخرن عن الزواج يتوجهن لزيارة للاّ عربية و كل من يمرّ بالمدينة وأسواقها يشعل شمعة سيدي محرز ويشرب من ماء بئره الحلو ولا تتخلف قصعة الكسكسي لسيدي بلحسن الشاذلي الذي يطل مزاره من بعيد في أعلى سطح حانة بوسط البلد حانة الجمايكا يعانق الحاضرات بظلّه حتى وإن شربن البيرة المحلية “سلتيا ” يقال أنّها فخر الصناعة التونسية ولكنّها في الحقيقة مجمعة الجماعات وباعثة الفرح بين الأفراد فينتشي الجميع ويغني لصليحة وما أدراك ما صليحة فنانة التونسيين كلّ التونسيين وهي وحدها من تقدر على توحيد أقصى اليمين مع أقصى اليسار فينطلقان بالغناء قدّك بابور صالحة عوّام بحور .. أو عرضوني زوز صبايا وحدة نار والاخرى شمعة ضوايّة ولا صيف دون بائع المشموم وتباري الرجال في إهداء حبيباتهن مشموم الياسمين والفلّ .

images

تختلف شخصيات النساء بالبلد ولكن تتفقن على أنّ الحياة أنثى لا بدّ من الإحتفاء بتفاصيلها جيّدا قبل أن تختطف المنية أرواح أحبتنا … وتتفق جميع النساء المتعلمات والأميّات الجاهلات على أنّ العلم رأسمال الفتاة بتونس ففي كلّ شهادة تحرز عليها البنت تنحر الذبائح وتقام الولائم فالشهادة كنز البنات في هذه البلد الفقير من الموارد الطبيعية والغنيّ بالموارد البشرية .

يقال بأنّ طبعنا صعب ولكن ثق أن التونسيّة طبعها من قيم الرجولة والشهامة وكلّ من زار البلد قال خيرا في بناته وصمت … التونسية مختلفة كثيرا عن بقية نساء الدول العربية والإفريقية تعرف ما تريد وتتقدّم بثقة نحو أهدافها لا تهتم كثيرا بما تخطه أقدار الرجال ربّما لأنّ المشرّع التونسي أنصف المرأة التونسية مقارنة بباقي النساء في العالم العربي وشمال إفريقيا .

بقي شارع الزعيم ملتقى النساء في كلّ المحافل النضالية إذ يقال أنّ شارع الحبيب بورقيبة شارع الثورة وشارع مغرق بالرمزية والشرعية الثورية رغم أنّه شارع ذكوري بإمتياز .. إحتل بن خلدون بعضا من مساحته والمسيح يعانق كنيسته ويبسط يديه على كلّ يمرّ من هناك وتعمل الحكومة على إعادة تمثال الزعيم الحبيب بورقيبة حبيب نساء بلاده ولكن لم يفكر أحدا أن يضيف إلى ذكورته بعضا من الأنوثة تمثال إحدى المقاومات التونسيات زمن الإستعمار حتى تكون تونس الأنثى أمّ الجميع دون إستثناء وليست حكرا على الذكور .

femmess

1 Comment

  1. مروى ذياب

    صراحة هذه الفتاة تبدع في كل مرة

    Reply

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *