arablog.org

تونس : بعد إغلاق المقاهي في رمضان هل تحوّل البوليس التونسي إلى داعش ؟

تضمنّ الدستور التونسي في فصله السادس حرية المعتقد والضمير وأكدّ على أنّ ” الدّولة راعية للدّين، كافلة لحريّة المعتقد والضّمير وممارسة الشّعائر الدّينيّة ” وقد جاء تضمين هذا الفصل في الدستور التونسي بعد مسيرة حافلة من النضالات والتحركات التي خاضتها النخب العلمانية والشخصيات الوطنية والمجتمع المدني ضدّ حكومة الترويكا التي تميّزت بمحاولة التأصيل الإستبدادي الناعم إن صحّ التعبير بعد فتح الروضات القرانية والتساهل مع دخول مشائخ الشرق إلى تونس وتقديمهم لخطب متطرفة في المساجد التونسية مما هدد الشخصية الوسطية والمعتدلة للمواطن التونسي وتساهلها أيضا مع خروج الشباب التونسي نحور بؤر ما يسمّى بالجهاد في سوريا وليبيا .

وتعتبر تونس حتى ما قبل 14 جانفي 2011 أنّها من الدول القلائل في شمال إفريقيا والشرق الأوسط التي تفتح محلاتها في شهر رمضان بشرط أن تكون المحلات محكمة التستر متخذة في ذلك كل الإجراءات التي تمنع كلّ أشكال الإستفزاز ويجاهر التونسي بإفطاره داخل هذه المحلات دون الخوف من إزعاج ممثلي الأصولية الدينية أو الحكومة التونسية فقد ضمنت له الدولة التونسية حريته الشخصية وكفلتها بالدستور المتوافق عليه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار .

عرفت تونس سنة 2012 أثناء حكم الترويكا بقيادة النهضة الحزب ذو المرجعية الدينية حملات لإغلاق المقاهي من طرف وزارة الداخلية والتي كان على رأسها السيّد علي العريض أحد قيادات حركة النهضة وبمشاركة بعض العناصر المحسوبة على التيّار السلفي في سابقة خطيرة وقد أثارت وقتها هذه الحملات إستهجانا واسعا في صفوف النخب والأحزاب وإعتبرتها مؤشرا على تدهور الحريات بتونس .

وفي أول أيّام شهر رمضان هذه السنة أعادت وزارة الداخلية حملات الإغلاق ضدّ مقاهي بالعاصمة تونس مما إعتبرها النشطاء والنخب التونسية مؤشرا جديدا على عودة الديكتاتورية الدينية من جديد عن طريق جهاز الشرطة التي طالما دافع عن نفسه بكونه جهازا جمهوريا يسعى إلى خدمة الوطن والمواطن إلا أنّ ممارساته هذه السنة وفي شهر رمضان أعاد إلى الأذهان التنظيم الدموي “داعش ” الذي قتل المئات ونكل بهم تحت مسميات حماية المقدّس وإعلاء راية الإسلام وهو ما يشبه إلى حدّ كبير ما فعلته الشرطة التونسية التي تناست أنّها جهاز جمهوري وليست شرطة دينية في دولة الخلافة .

فهل تعكس حملات إغلاق المقاهي في شهر رمضان درجة إنصهار النداء الحزب الحاكم ذو الخلفية العلمانية مع حليف المستقبل حركة النهضة ذات الخلفية الدينية أو أنّ حزب حركة نداء تونس يحاول فرض ديكتاتورية مستترة يرحب بها المواطن العادي وسط مناخ متسم بالفوضى وبالخوف من حدوث عمليات إرهابية في وسط العاصمة وذلك ليفرض سيطرته الكلية على الواقع السياسي التونسي مستخدما في ذلك شماعة الإرهاب .

كتبت خولة الفرشيشي

police

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *