أحدث قانون المصالحة الاقتصادية والذي أطلقته مبادرة تشريعية رئاسية جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية والسياسية ، فبعد قانون تحصين الثورة الشهير والذي سعى إلى إقصاء مسؤولي النظام السابق من المشاركة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية سنة 2013 ، ويحاول الحزب الحاكم اليوم بقيادة رئيس الجمهورية إلى تبرئة المتهمين في قضايا الفساد وهو ما أثار حفيظة المعارضة بالبلاد التي إعتبر شق منها أن الحزب الحاكم يكافئ مموليه لحملته الإنتخابية الأخيرة والتي إنتهت بفوزه بالأغلبية في الإنتخابات التشريعية وبكرسي الرئاسة أيضا .
وـاتي هذه المبادرة في ظل غلاء الأسعار وتردي الأوضاع الإجتماعية ، وظهور بوادر ديكتاتورية ناشئة وذلك بعودة أغلب الوجوه القديمة إلى المشهد السياسي وتولي بعضهم مناصب الولاة في أغلب ولايات الجمهورية ، وعودة التعذيب إلى مراكز الإيقاف والتدخل الأمني العنيف ضدّ النشطاء والذي تجلى أساسا في معاقبة كل من شارك في مظاهرات حملة وينو البيترول ، ساهمت كل هذه العوامل في إندلاع حراك شبابي جديد أطلق على نفسه مانيش مسامح في إشارة منه إلى رفضه قانون المصالحة الإقتصادية والذي يهدف أساسا إلى تبييض الفساد والفاسدين .
ويستقطب هذا الحراك العديد من الوجوه السياسية من مختلف المشارب السياسية والفكرية التي ترفض فكرة المصالحة الإقتصادية وتؤيد مسار العدالة الإنتقالية وقد شارك حراك مانيش مسامح في أكثر من مظاهرتين بالعاصمة تمّ تفريق الثانية بتاريخ 1 سبتمبر بالعنف الشديد وإيقاف العديد من العناصر المؤثرة والقيادية لهذا الحراك .
لم تستأثر العاصمة بحراك “مانيش مسامح ” لينطلق في أغلب ولايات الجمهورية وليقابله الأمن بالعنف والإيقافات كمظاهرة صفاقس يوم الأحد الفائت والتي إنتهت بتدخل عنيف من طرف قوات الأمن وقد تمّ إستعمال الغاز المسيل للدموع والهروات لتفريق المحتجين وماتزال الدعوة إلى المظاهرات قائمة حتى التراجع عن قانون المصالحة الإقتصادية .
تجدر الإشارة هنا إلى الحكم بالسجن 16 يوما على سيدتين ” زعرة عيساوي ” و” عانس عيساوي ” من الحوض المنجمي الكائنة بمحافظة قفصة جنوب شرق العاصمة تونس واللتين احتججتا صحبة أبنائهما طلبا لحقّ الشغل في ظل حكومة تستعد للعفو عن المتورطين في الفساد ومواجهة الغاضبين بالحديد والنار والإيقافات العشوائية وما ما سيساهم بشكل أو باخر في عودة الديكتاتورية بعد أن وجدت من يرحب بكل هذا العنف من بعض السياسيين والإعلاميين .
يبدو أن تونس ستعيش في الأيام القادمة على وقع إحتجاجات سياسية ونقابية خاصة مع العودة المدرسية والتي تقاطعها نقابة التعليم الأساسي في اخر بياناتها وهو ما سيؤجج الخلافات بين السلطة والمعارضة لتكون الفترة القادمة ما يشبه الصفيح الساخن فهل ستصمد السلطة في وجه المعارضة أو أنّها سترضخ لمطالبها ؟؟ .
كتبت خولة الفرشيشي