arablog.org

في ذكرى السابع عشر من أكتوبر 1961 : عقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا

ذات مرّة أحببت رجلا صادف عيد ميلاده السابع عشر من شهر أكتوبر، وكنت كعادة نساء مجتمعات الجنوب، أبحث عن طريقة مبتكرة لم يسبقني إليها أحد لأعايده بطريقة مختلفة عن الطرق الكلاسيكية ، فنساء الشرق يحاولن دائما أن يقدمن أنفسهن في ثوب المبهرات الباذخات اللواتي لا يشبهن أخريات ويجب أن يكون مرورهنّ وشم في الذاكرة ، المهمّ بحثت عن حكاية تليق بفارسي النبيل وقتها وترتبط بعيد ميلاده ، وأخيرا وجدت تاريخا يليق بالسابع عشر من شهر أكتوبر مولد حبيبي انداك بعدها نسيته تماما ، وبقيت أتذكرّ التاريخ والحادثة جيّدا .

يوم 17 أكتوبر 1961 نفذت شرطة باريس بأمر من رئيسها موريس بابون مجزرة بحقّ المتظاهرين الجزائريين والذي بلغ عددهم أكثر من 60 ألفا والذين خرجوا ضدّ قانون حظر التجول انذاك وتغيّر سياسة فرنسا تجاه إستقلال الجزائر ، ليبلغ عدد القتلى أكثر من 200 وإختفاء أكثر من 800 شخص ألقى بهم في نهر السان وفي قنوات الصرف الصحيّة وإعتقال الآلاف ، أتذكرّ جيّدا أن الروائية أحلام مستغانمي قد أتت على ذكر هذه المجزرة في ثلاثيتها الشهيرة لتدين النسيان والخذلان الذي لحق الجزائر بين ثنائية العسكر والإسلاميين .

vio

كلّ 17 من شهر أكتوبر لا أتذكر حبيبي الراحل من ذاكرتي إطلاقا ولو أنّه كان صاحب فضل أن عرّفني بتاريخ الشعوب المسحوقة في شمال إفريقيا ومعاناتها بين أنظمة المافيا و عصابات المال وبين تنامي التطرّف والتكفير في مجتمعات من المفترض أنّها حققت طفرة نوعية في مجالات عدّة ولكن إلى يومنا هذا لم تتوفر الإرادة السياسية من أجل تقدّم هذه المجتمعات .

تأتي ذكرى السابع عشر من شهر أكتوبر على مجزرة باريس وقد سبقها قبل أيّام قليلة الإعلان الرسمي من طرف الأمم المتحدة بدولة القبائل ورفع علمها بمقرها ، في محاولة جديدة لضرب وحدة الجزائر والتفرقة بين أبناء الشعب الواحد الذي ناضل ضدّ المستعمر الفرنسي ، لم يفرّق حينها المقاوم الشاوي بين أخيه القبايلي وأخيه الطارقي أو العربي ، بل أقسموا جميعهم أن تحيا الجزائر ، تأتي خطوة رفع علم دولة القبائل في إستفزاز صريح للنظام الجزائري الذي لم يتعامل مع حركة استقلال القبائل بقيادة فرحات مهني بجدّية بل واصل تجاهل مطالب أمازيغ الجزائر وضمان حقوقهم الثقافية كما هو الأمر مع أمازيغ المغرب وهو ما أفاد قلّة تروم أن تفصل جزء من تراب الجزائر عن الجزائر رغم رفض أغلب أهل القبايل هذه الخطوة من المنتظم الأممي نذكر في هذا الإطار موقف التجمع من أجل الثقافة والديمقراطيه الحزب المعارض ، ومساعيه الحثيثة في تطويق الأزمة التي لم يتعامل معها إلى اليوم النظام الجزائري بشكل عقلاني وموضوعي بعيدا عن لغة التشويه والتخوين التي يعتمدها دائما للتغطية عن فشله الذريع وتصدير الأزمة للخارج .

17 أكتوبر اليوم لا يفيد النظام في حشد الكره تجاه المستعمر الفرنسي القديم من أجل تبرير فشله في إدارة البلد ولا يفيد المعارضة في كيل التهم للنظام والمستعمر لتقديم نفسها البديل ، إنّها الفرصة التاريخية اليوم لتوحيد الجزائر بين أبناءها فهي ليست عربية وليست أمازيغية بل هي كلّ هذا إنّها جزائرية تماما فموريس بابون وقتها لم يفرق بين الشاوي والقبايلي والعربي لقد كانوا بالنسبة له جزائريين يجب قتلهم وخطفهم والتنكيل بهم ورمييهم في نهر السان لأنهم عقدوا العزم على إستقلال الجزائر .. إنقاذ الجزائر واجب على كلّ الجزائريين ، كما خرج الجزائريين ذات مرة في شوارع باريس للمطالبة بالإستقلال دون أن يفتش احدهم في تفاصيل الاخر ولغته وعرقه يكفي أنه رفع علم الجزائر عاليا وهتف : تحيا الجزائر .

كلّ عام والشقيقة الكبرى بألف خير كلّ عام والجزائر وشم الجغرافيا على خاصرة التاريخ .

كتبت خولة الفرشيشي

der

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *