arablog.org

لم أبلغ الثلاثين مازلت في عمر العشرلاثين !!!

لم أدرك بعد أنّي بلغت سنّا حرجا يشبه كثيرا سنّ اليأس ، ما قبل اليأس بقليل أو ما بعد اليأس بكثير أو سنّ ما قبل الموت بقليل ، أقصد الموت المعنوي لا شيء غيره ، في سنّ الثلاثين لا أستطيع أن ألبس الألوان الزاهية والورود على قمصاني ، وكأنّ الفرح لا يلائم نساء الثلاثين ، وكأنّ الألوان الزاهية حكر على فتيات العشرين .. نساء العشرين إلبسن أثواب الأحمر والأخضر والأصفر والأرزق وتلك الأشياء المبعثرة من أزهار وقلوب وقطط ودباديب .. لا يهم ّ أبدا خذن حصتكن من الألوان قبل أن تحجز منكن ولا يعايركن أحدهم بالشيب والعيب .

لم أعرف قيمة الألوان إلا حين إقتربت من أواخر العقد الثاني لم أفهم سحر درجات الأخضر والوردي والأزرق وعذوبة الأحمر والأصفر ، كم لعنت حزني وتشاؤمي حين كنت أرتدي البني والأسود وأقول سرّا أنا إبنة هذا الطين لن أخرج عن لونه أبدا ليلتصق بي ويمتزج ويتوحدّ أيضا .. أنا إبنة هذا الطين لن أسعى إلى الملائكة والسماء .. كم كنت واقعية في سنوات العشرين وكم أصبحت رومنسية في أولى سنوات الثلاثين ..

حين عشقت الأزرق وددت أن أزرع تحت إبطيّ غيوما وسحابا ، تهطل بعدها الأمطار فأغرق وأطفو .. وأغرق وأطفو حتى أمضى إلى الموت البعيد فرحة بما قضيته في حضرة الماء .. وحين عشقت الورديّ وودت لو زرعت جسدي حقول أزهار بين الشفاه ينبت القرنفل .. وبين النهدين يزهر التوليب وليعمر اللوتس بقية الجسد ويشاركه عبّاد الشمس والياسمين .. لا يهمّ لو كان جسدي حديقة أزهار لما كان لحبيب أن يتركني .. كم تركني أحبّة وكم تركت أحبّة .. بارزتهم أيّها الحبّ فهزمن وإنتصرت وتركت قلبي صريعا في المعركة .. يبكي أنّي خسرته في رهان أحمق مع الأقدار الحمقاء … يا قلبي اما ان لك أن تعود إليّ .. إشتقت يا قلبي إليك وإلى الطفل الذي يسكنني مللت الحكمة وكفرت ببومة مينرفا .. كفرت بالواقع عد إليّ وسنهرب يا قلبي .

fleurs

بلغت الثلاثين متعبة منهكة وعشت العشرين خائفة مطاردة .. بلغت الثلاثين أفتش في المرايا عن ما يفضحني أنّي بلغت الثلاثين … ثلاثون سنة مرّت يا أمّي سنة وراء سنة ولم أفرح جيّدا لم أنفجر يوما .. كنت أدير حياتي خفية عن أعين الغرباء .. كم يكرهني هؤلاء يا أمّي بلغت الثلاثين ومازلت أبحث في المرايا عن ما يفضح وجهي أنّي بلغت الثلاثين ..

ثلاثون خيبة وغيمة ومغامرة وسرّا .. وأشياء أخرى خبئتها جيّدا يا أمي ونزحت نحو السنوات المقبلة أغامر وأقامر .. مازلت مقامرة يا أمّي لا أتغير أبدا إما أن أكون طيبة حدّ النخاع أو قاسية حدّ السكين .. عاطفية حدّ الجنون أو واقعية حدّ ضيق العقل .. وددت قبل أن أبلغ الثلاثين أن أفعل أشياء كثيرة أترفع عن فعلها الان حتى لا يقال عيب لقد كبرت وبلغت من العمر عتيا فاصمتي وإخرسي ..

بلغت الثلاثين لم يغني لي عاشق في العشرين أغنية وحين بلغت الثلاثين أهديت لي أغنيات ووعود جميلة .. ومازلت متشظية بين العشرين والثلاثين أودّ أن أمزج بينهما ليكون إحساسي بطعم العشرلاثين .. أليس الأمر جيّدا حتى أستمتع بالقبل والأغنيات وأنخاب الحياة ترفع في صحتي .. حتى أملك القمر والأرض وأملك روح تلك الحانة الصغيرة التي يندفع إليها العشاق في ليالي الشتاء الباردة .. أنا مازلت مغامرة لم تثنيني الثلاثين عن جنوني وجموحي فإشهدي يا حياة أني مازلت في عمر العشرلاثين لن تراوغيني ولن تقتليني .. لقد غازلت الموت وقال لي أنت لي فإنطلقي سأهرب بك إن حزنت أو بكيت .. وإن ضقت بالأرض والبشر سأهرب بك وسنتزوج .. لقد طلب الموت يدي ومازلت أفكر !!

كتبت خولة الفرشيشي

11951890_10207381786767733_7516305324583698773_n

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *