arablog.org

الوليّات الصالحات بتونس : يدحرن الذكورية ولو لحين !

اشتهرت تونس أولياءها الصالحين الذين ذاع صيتهم خارج حدودها فزار أضرحتهم الأجانب وكتب عنهم من خارج تونس ،وعرف عن التونسيّ حبّه وتقربّه للأولياء الصالحين رغم تحريم الإسلام الرسمي لهذه الممارسات ، إلا أنّ التونسي بكلّ أطيافه الفكرية والدينية لم يقطع حبّه لهؤلاء الذين باركوا تونس فمازال إلى اليوم يقيم الولائم والاحتفالات وينشد رحمتهم وبركتهم ، يعرف الكثير من الذكور الأولياء في مقابل بعض الوليات الصالحات اللواتي كسبن ثقة المرأة التونسي بدرجة أولى والرجل أيضا .. تقصد النساء مقامات النساء الصالحات للتضرع لهن وإشعال الشموع وعقد النية لتظفر العانس برجل والعاقر بطفل والأخريات لجلب الرزق والقبول .. لا يكلف الله إلا وسعها وقليل من أيّ شيء يرضي النساء الصالحات فهن يطلبن التقى والورع قبل المال .. فأرواحهن تحوم حول أبنائهن تحميهن من الظلم والحسد والمرض والحرمان يحضرن كلما دعت الحاجة إليهن تتوزع النساء الصالحات في كلّ تخوم الجمهورية التونسية فللاّ القلعة في السند بقفصة تحرس أبناء الجنوب وأولاد عزيزة بالقصرين والزين الجمالية بالساحل وللا منوبية وللا عربية بالعاصمة .

حين تسأل أيّ تونسي هل تعتبر حبّ الأولياء الصالحين شركا بالله سيجيب حتما : قطعا لا حبّ الصالحين من حبّ الله أكيد … تقريبا في كلّ مدينة تونسية تجد ضريحا لوليّ صالح بينما مازالت بعض المناطق تقوم ببعض الطقوس الخاصة بزيارتهم كإقامة الولائم ونحر الذبائح فيما إقتصر البعض الاخر على الزيارة وقراءة الفاتحة فقط .

في العاصمة تونس يتوسط مقام “للاّ عربية ” منطقة باب الجديد والذي مازال قبلة للعوانس والعقيمات يزرنه ويعقدن هناك النيّة للظفر بالرجل أو بالوليد ، إذ تقوم القائمة على المزار بكنس الزائرة على جسدها بمكنسة سبع مرّات وعقد خيط أخضر وإهدائها بعض البخور وتميمة لتحقيق مرادها وتشعل من تدخل هناك شمعة وتقرأ الفاتحة على روحها .

mouin

وتعتبر السيّدة المنوبية أشهر الوليّات الصالحات بتونس وهي صاحبة الكرامات والمعجزات في المخيال الشعبي تقوّل الكثير عن سيرتها بالسوء الا أنها اخرستهم بكرامتها وورعها مما تاب من تكلم في عرضها وقد ظهرت عليها علامات النبوغ منذ صغرها مما خولها للتتلمذ على أيدي الشيوخ وتربت على منهج الصوفية الشاذلية بتونس وتذكر بعض المصادر التاريخية أنّ السيدة المنوبية تقول أنّها تمكنت من رؤية الله بعين القلب وكما كانت تقول: “إن الله خلقني وأحبني وإني سيدة الرجال وإمامهم”. وكان الناس يعتبرونها في مقام فوق جنسها ،وذلك لدونية المرأة انذاك لذلك لم تتعرض إلى الأذى أو القتل ، وكرّمت بعد وفاتها .. إذ أطلق اسم محافظة باسمها محافظة منوبة وهي لا تبعد كثيرا عن العاصمة ويقصدها الزائرين للزواج والشفاء من الأمراض المستعصية وقد خلّد ذكرها العديد من الأغنيات التي تجسّد طيبتها وقوتها وكأنّها مازالت حاضرة رغم مرور 730 سنة على وفاتها .

manoubiaa

وبمنطقة الوسط التونسية تعتبر أولاد عزيزة أشهر أولياء الله الصالحين بالقصرين وتقول الأسطورة أنّها جاءت من الجزائر بعد هربها من زوجها صحبة أبناءها وأقامت بمحافظة القصرين التي نالت بركتها وتعتقد قبيلة الفراشيش إحدى أكبر القبائل هناك ورغم أنّ أغلب أبناءها لا يحملون لقب الفرشيشي إلاّ أنّهم يتفقون أنّ جدتهم عزيزة وأبناءها الصالحين هم حماتهم من العين والمرض وهي التي تقف ضدّ كلّ المؤامرات التي تحاك ضدّهم فهم يقيمون الزرد لها سنويا ويكتفي الفقراء من الفراشيش بالتصدّق بحفنات الحلوى على الأطفال وإشعال الشموع لها في المصائب إذ يعتقد أن روحها مازالت حاضرة بينهم تحضر لكلّ من دعاها لنجدته ويقسم بها الرجل الفرشيشي أو المرأة على حدّ السواء .

فيما تخلد أغاني أم الزين الجمالية سيرة ولية صالحة قدمت الكثير وما تزال حاضرة في المخيال الشعبي بسيرة الساحل خاصة بجهة جمّال بولاية المنستير وسائر القرى الساحلية والتي يقصدها ساكنيها للتبرّك بها وعرفت بإسم بيّة جمال أو بيّة الساحل ومن أجلها يقف الرجل إحتراما وخشوعا دون أن يتمسك بنزعته الذكورية فالوليات الصالحات بتونس ينزعن عن الذكور ذكوريتهم ليصبحوا تحت السطوة الأمومية التي تحميهم وتنصرهم على أعدائهم فهن يدحرن الذكورية ولو لحين ويحطمن فكرة أن المنقذ والمخلص ذكر !

كتبت خولة الفرشيشي

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *