arablog.org

البشرية تغتال الإنسانية ولا عزاء للإرهاب

حين سقط أوّل شهيد في دول الشرق الأوسط ،فلسطين وسوريا واليمن وليبيا ، لم تنتبه فرنسا ،وظلت تمارس عنصريتها وتدخلها السافر في دول مستقلة وخرّبت أوطاننا وشردّت عائلاتنا ويتمت أطفالنا ..
لن ننسى حربها في ليبيا، ولن ننسى جرائمها في الجزائر ،
لذلك لن أتضامن مع قتلى فرنسا . بضاعتها ردّت إليها. إنقلب السحر على الساحر . فلتجربّ فرنسا ما عشناه نحن . هكذا غرّد بعض الأشخاص شامتين في الدم الذي سال في باريس ليلة الجمعة 13 نوفمبر 2015 .

beirut

كان الحقد أعمى . وألغى التطرّف الديني إنسانية البعض . وأصبح الحديث عن ضحايا الحادثة الإرهابية يشوبه نوع من التشفي والإنتقام. الأغرب أنّه من ذوات عاشت نفس الظلم والقهر في دولها على أيدي التطرّف الأعمى .

قبل ساعات من ساعات حادثة باريس ،سقط شهداء في بيروت. مع صمت عالمي وعربي لا سيّما . وكأنّ أخبار القتل والدمار أصبحت سمتنا وخاصية أوطاننا . فلا عجب أن يصبح القتل والذبح أخبار متداولة ويومية ضمن أخبار النشرة الثامنة مساء ، يتحلق حولها العائلة فتستمع إلى أخبار الموت والخطف والقتل والدمار وكأنّها تكمل أكلها، لتنهض بعدها ،وتنام، ولا تحلم بالحبّ والعدل .

irhab

في نفس ذلك اليوم الكئيب يوم الجمعة 13 نوفمبر ، ذبح الراعي الطفل في سيدي بوزيد بتونس ، ذبح بنفس الأيدي التي قتلت الشهداء في بيروت وباريس ، جميعهم سقطوا في نفس اليوم وجميعهم كشفوا أنّ الإرهاب ظاهرة عالمية عابرة للقارّات ومن يتغاضى عنه سيصيبه ذات يوم وأنّ الإرهاب تحركه أيد بشرية بعيدة تماما عن مفاهيم الإنسانية .

لم يفهم بعض من أعماهم التطرّف الديني، والإنتقام ، من سياسة فرنسا في دولهم أن من سقطوا ليلة الجمعة مواطنون أبرياء ومدنيون عزل . لم يحلموا بالكثير سوى بالعيش الكريم . بل ربما كان أحدهم أشدّ منكم إخلاصا للقضية الفلسطينية. واخر رافض لسياسة فرنسا في سوريا .. بل ربّما كانت إحداهن من شهداء التطرّف الأحمق أكثركنّ إنسانية وكانت تتبرع لأطفال أفغانستان والعراق من مرتبها حتى تعيش على أمل أنّ الإنسانية ستطغى ذات يوم على الحسابات الضيّقة .

frt

ما حدث يوم الجمعة الماضي سيذكرنا دائما أنّ إنسانيتنا ليست إنسانية خالصة تماما . فبعضنا يتعامل مع الدم اللبناني والتونسي كماء لا يضرّ إن إنهمر قليلا . والاخر يتعامل مع الدم الفرنسي كدم ثمين ومقدّس . أو العكس صحيح . فيصبح دم المستعمر القديم مباحا وحلالا ودم العربي والمسلم محرّم وكارثة .

ما أبعدنا عن الإنسانية ونحن لم نحزن جيّدا على ما يحدث يوميا هنا وهناك في الدول التي صدرت الإرهاب ثم عاد إليها ليرتع من جديد ويذبح في وضح النهار طفلا يرعى أغنامه وزاده بضعة أغنيات وأحلام .. ونحن لم نحزن مليّا ونحن نرى لبنان يتقاذفه الكره والطائفية ليصل إلى التقاتل والتناحر .. ونحن لم نحزن مليّا حينما سقط شهداء عزّل في باريس ظنوّا أنّهم في أمن دولة فرنسا العظمى فخربّ عليهم أمنهم بعض المتطرفين سواء حركهم دافع ديني أو إقتصادي .

لنحزن قليلا .. ونبكي قليلا .. لنقل أنّ كل من إغتالته يد الغدر وهو امن مطمئن في وطنه وبيته وبين عائلته أو بين ذراعي حبيبته أو تحت قمر فوق نهر السان أو من يتضرّع إلى ربه في الكنيس أو من يرعى أغنامه في المرعى الأخضر ويحلم أن يكون وطنه كريما كما كان الكلأ مع أغنامه لنقل أنّ كلّ هؤلاء لا يستحقون هذا لا يستحقون أن يرحلوا من بيننا بهذه الطريقة البشعة .. لنبكي قليلا ربما إستيقظت إنسانيتنا !!

كتبت خولة الفرشيشي

ملاحظة : البشرية تغتال الانسانية كان تعليق الصحفية التونسية أمل الجربي على أحداث باريس

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *