arablog.org

ليت دمشق تعود يوما !

نحن جيل قضى طفولته ومراهقته وأوّل سنوات شبابه في مشاهدة المسلسلات السورية بين مسلسلات التاريخ والرومنسية وحتى تلك المسلسلات الوجودية تكونت شخصيتنا وحلمنا أن نكون أنقياء وأبطال كهؤلاء : كمنى واصف وميّ سكاف ، خالد تاجا ، كندة علوش ،رامي حنّا ،وقصي الخولي وكل نجوم الدارما السورية .
بين فناجين القهوة والركوة على النار إستمعنا إلى أجمل كلمات الغزل والحبّ بلهجة سورية خالصة ، بكينا لدموع البطلات والأبطال ، فرحنا معهم ورقصنا أيضا معهم إستمتعنا بصوت فيروز يشدو وينطلق من هناك ، فيروز تليق بالبيوت الدمشقية ، عريقة جميلة دافئة كصوتها تماما وكصوت صباح وهو يؤدي القدود الحلبية .

حفرت البيوت السورية في ذاكرتنا أحلاما ومازلنا نحنّ إلى أصص الياسمين والقرنفل ، إلى حجر البيوت الشامخة ، بدفء المشاعر التي تسكنها ، للبيوت طعم ونكهة ومشاعر وأحاسيس ، والبيوت الدمشقية نسجت بين أصص الورد وحجر الغرف الحبّ والأمل بين أبناءها / كما تنسج الحلبية بشغف أقمصة الصوف والقطن وكما تحنو الحمصية على أطفالها وكما تتجمل اللاذقية بورع وإغراء وكما يعلو جبل قاسيون في كبرياء .

kjiof

دمشق ، مدينة بطعم القصائد والأزهار ، كتب نزار عنها ولم يعلم أنّ الحرب ستفقد مدينته رومنسيتها وأنّها ستلتحق بركب التراجيديا .

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ وبعـضُ الحـبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرّحتمُ جسدي لسـالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
و لو فتحـتُم شراييني بمديتكـم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا

رحل الكثير وهجرها الكثير ، ومازال حبّها راسخا في أفواج الهاربين من الحرب وفي أفواج الفقراء الباقين هناك وفي عظام القتلى المعروفين والمجهولين على شواهد قبورهم أو تحت ركام بعض البيوت ، في قلوب الأطفال والنساء والشيوخ ، دمشق قلب كل أبناءها ، ويح من لا يحبّها ، سيلعنه التاريخ والشعر والهوى ، ستلعنه الحياة ، هل هناك من لا يحبّ دمشق يتساءل أبناء جيلي وهو يشاهد صورا عن الحرب والجرحى .. هل هناك من لا يحبّ الشام ومدينة الياسمين وسلالة التاريخ … ؟؟
هل هناك من لا يحبّ نساء دمشق وأهلها ؟ يقول رجال .
وتجيب نساء : وهل هناك من لا تحبّ رجال دمشق وأهلها ؟؟.

هل مازالت البيوت كما هي وهل مازال الشامي يتغزل بحبيبته أو أنّ الحرب إغتالت المشاعر هناك ، هل يفكر الهارب من جحيم الحرب في العودة إلى الشام ، وهل تبكي الشام أبناءها وجثة أيلان ومئات الالاف الذين قضوا نحبهم في البحار وفي البرد والوجع والجوع ، هل يخجل العربي وهو يشتري ويساوم على شرف سورية في مخيمات الأردن وتركيا ، وهل يخجل العربي وهو يضيق بضيافة عزيز قوم ذلّ وقصد دياره ، وهل مازالت الشام كذلك فاتنة رائعة أم أنّ الحزن خيّم عليها وفقدت إغراءها . ؟

هل ستقاوم الشام أو أنّها مازالت تبكي تدمر ، تدمر بكت زنوبيا ملكتها ذات يوم وهاهي روح زنوبيا تبكي تدمر .. متى ستولد دمشق من جديد حتى تعود للأشياء طعمها ونكهتها : صوت فيروز وطعم القهوة ورائحة الياسمين ،
ليت دمشق تعود يوما فتعود الحياة .

damas

كتبت خولة الفرشيشي

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *