arablog.org

الطيّب بوعلاق : صوت الوطن الذي نحبّ !

الطيّب بوعلاق : يحمل بين جنبات الإسم معانيه تماما : الطيبة من شيم أهل البلد ومن علق الوطن خلق وعجن . ولد الطيّب ليكون شاعرا . هو شاعر تونسي ينحدر أصله من الوطن الجريح الذي يقاوم ولا يستسلم أبدا ، كلماته تشهد أنّ هناك ما يستحق الحياة هنا في تونس 2016 ، من لم يعرف الطيّب لن يعرف الشعر بطعم الوجع والشعر بصمة الوجع على الكلمات .

هو ليس مجرّد شاعر فقط بل شاعر إلتحق بالمقاومة السلمية تذكرك سيرته بسيرة فيكتور جارا وسيرة فدريكو غارسيا لوركا هو على طريقتهما وفي نفس الطريق يسعى إلى نفض البؤس والحزن عن البلد وأهله ، إلتصق بهموم الناس لا سيّما الفقراء منهم ، فيتحوّل الطيّب إلى مارد هلامي لا تراه ولكن تتخيله وتستشعر حضوره في كلماته وبين صوره الشعرية ، يقارع الإستبداد والحيف بنفس تونسي صميم ، ربّما يعشق الكثير شعراء اخرون ولكن أن تحبّ شعر الطيّب فأنت تحبّ تونس حقا تونس بأقنعتها المتعددة ، تونس لا ترى بل تكتشف ومن يملك القلب البصير سيرى تونس كما هي دون أقنعة أو رتوش

سنذهب وسيبقى الوطن هذا الدرس الأوّل الذي يتوجه به الطيّب بوعلاق إلى قرّاء شعره يستنهض فيهم الهمم على النضال من أجل البلد ، لا يواسينا الطيّب رغم طيبته ورغم الماسي التي تحيط بالوطن ، الوطن بخير مهما سقط ومهما نالت طعنات الغادرين منه والوطن باق مهما فعلوا وسيظلّ .. أيّها الوطن الباقي الشامخ .. رجاء لا تسقط وإن غدروك فأنت لمن يحبّك حقّا ومن يحبّك قادر على الصمود وسيضمد جراحك ويبتسم كما فعلت أنت .. يا تراب الوطن كن رؤوفا حنونا بذلك الشغوف بك وارحمنا .. لا عشق إلاّك يا وطني هكذا كانت كلّ قصائد الطيّب بوعلاق تروي هذا العشق المتدفق من أنهار كلماته الطيّبة .

وماذا نفعل وإن ضاق بنا الوطن أيّها الطيّب .. لا يضيق الوطن بأبناءه يجيب شاعرنا نحن من نضيق به .. رحماك وطني من غدر أبناءك وهل الوطن حزب ورفاق وشعارات .. الوطن يا رفاق فكرة واسعة تتسع للجميع أن تكون تونسيا هو أن تكون تونسيا دفعة واحدة لا تقسيط مع تونسيتك ولا تأجيل مع حريتك .. في كلّ قصائد الطيّب ينري الإنسان التونسي متمردّا ولا زعيم إلاّ وطنه هذا الدرس الثاني الذي يلقيه علينا الطيّب بوعلاق .

لا يتغيّب الطيّب عن عذابات وجراحات أبناء وطنه فكتب عن سجناء الحرية وعن المفقرين والمهمشين وعن الكادحات المنسيات .. يسجل الطيب مواقفه في قصائده كطلقات تصوّب في إتجاه الخونة وتجار الأوطان .. يا مختار القصيدة الأشهر للطيب بوعلاق حاضرة في وجدان كل من يعرفه وينتظر طلته في الأمسيات الثقافية وهي القصيدة التي إختزلت واقع الثورة بمرارته ولكن لا تندم ولا تبرر ثورتك إنّك على صواب يقول بوعلاق .. يا مختار كتبك الطيّب ومعك كتب حكاية كلّ تونسي مفقر ومهمش في أنحاء الوطن الجريح .

يندر أن يحبّ الجميع شاعرا ولكن مع الطيّب يحدث العكس فهو حبيب كلّ الصادقين يمينا ويسارا فالطيب يعي جيّدا أنّ الوطن ما يجمعهم معهم لا يهمّ ما لونك المهمّ أنّ تحبّ تونس هذا الدرس الثالث الذي يلقيه علينا الطيّب .

تمتاز قصائد بوعلاق برقة متناهية إستطاع أن يختزل في شعر العامية رقيّ وسلاسة الفصحى .. عامية الطيّب لا تقلّ رونقا وجمالا عن الفصحى .. يكتب الطيّب بوعلاق على حافة اللغة يكتب بنزق وثورة وبشيطانية شعرية قلّما أن يمتلكها شاعر يكتب بالعامية ، يحلم كما يناضل ويصرخ كما يرتّل .. وقصائد الطيب هي تراتيل مجتمعات الجنوب الغارقة في الوحل والمتطلعة إلى السماء .. لا يغرق الجنوب أبدا طالما أنّ الطيّب يكتب ويقرأ علينا .

tayoub

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *