عرفت حملة ” وينو البترول” جدلا كبيرا على شبكات التواصل الإجتماعي وفي الشارع التونسي إذ شهد شارع الحبيب بورقيبة أوّل مظاهرة شعبية يوم الجمعة الفارط تميّزت بتنوع الأطياف الفكرية والسياسية المشاركة ورفع المحتجون عديد الشعارات المنددة بأداء حكومة النداء وتحت شعار لا خوف لا رعب البيترول ملك الشعب طالب المحتجين بالعدالة الإجتماعية والحق في الثروات الطبيعية .
رغم تعتيم وسائل الإعلام الوطنية على هذه التحركات الشعبية وتجريمها من طرف بعض
الإعلاميين والسياسيين لم يتراجع منظميها عن مواصلتها وتفعيل مطالبها كحق مشروع يستلزم النضال من أجله وتعرية وجوه الفساد الحكومي وبعض رجال الأعمال الذين إستكرشوا على حساب الشعب التونسي من خلال عقود النفط والثروات الباطنية التي أمضيت في كنف السريّة رغم أنّ الدستور التونسي تضمن فصلا يضمن حق الشعب في معرفة الصفقات التي تخص الثروات الباطنية ومتابعتها .
تميّزت حملة وينو البترول بالطرافة والجدّية في آن واحد فبعد التعاليق المستنكرة للتعتيم الإعلامي والحكومي على صفحات الفيسبوك حول هذا الموضوع قامت مجموعة من الشباب التونسي بالغطس رفع الشعارات في الماء للتحسيس بأهميّة هذه المطالب آملين في جمع عدد أكبر من المحتجين يوم الجمعة القادم .
كما هاجم جمهور المحتجين مؤخرا تصريحات الأستاذ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الحزب ذو المرجعية الدينية والشريكة في الحكم والتي نفى فيها وجود النفط بالبلاد التونسية علما وأنّ تونس تحدّها كل من ليبيا والجزائر وهما بلدين نفطيين نذكر أنّ شركات بترولية كبيرة تستثمر بتونس في قطاع النفط وتقوم بعمليات التنقيب وحفر ابار النفط ضمن عقود سريّة مبرمة بينها وبين الدولة لم تخرج إلى العلن بعد .
ويظل ملف النفط والثروات الباطنية من ضمن المحرمات في السياسة التونسية لم يتعاطى معه المسؤولين والإعلام بشكل جدّي بل كان لعبة السياسيين ويخضع لمزايداتهم فهو شعارات المعارضة في سنوات حكم الترويكا قبل أن يربح نداء تونس الإنتخابات الأخيرة ويتغاضى عنها كطرف حكومي عن الحملة الفايسبوكية ‘وينو البترول” وهو نفس الدور الذي يلعبه الرئيس السابق المرزوقي اليوم في المعارضة ليتعامل مع ملف النفط كورقة ضغط على الحكومة الحالية رغم أنّه كان رئيس الدولة التونسية في سنوات الترويكا إلا أنّه لم يفتح هذا الملف أثناء حكمه .
بعيدا عن الحسابات السياسية الضيّقة بين الحكومة والمعارضة أثبتت هذه الحملة درجة الوعي الشعبي بضرورة كشف الفساد المالي والإداري صلب الدولة التونسية رغم أنّ الحملة مازالت في أولها إلا أنّها أربكت الحكومة في التعاطي معها وتقديم حجج دامغة حول ملف النفط والعقود المبرمة مع الشركات الأجنبية كما بيّنت هذه الحملة أن الحراك الإجتماعي مازال قائما ومحتدما حتى بعد خمس سنوات من ذكرى الإنتفاضة التونسية .
كتبت خولة الفرشيشي
ملاحظة : الصور من صفحة الإعلامي أمان الله المنصوري