قضت مواطنة مصرية نحبها ليلة أمس بين قططها الثلاثين مختنقة بدخان النيران المشتعلة التي أتت على جزء كبير من بيتها وذلك بعد أن رفضت الخروج من المنزل إلا بعد إنقاذ كل القطط .. لم تنجح سلوى أبو النجا في إنقاذ كل قططها فخيّرت أن تموت معهم .. وتركت 18 قطا على قيد الحياة فيما إحترقت بقية القطط وإختنقت الأخرى … ربّما من حسن حظّ سلوى أنّها شقيقة الممثل المعروف خالد أبو النجا والذي عرف بمعارضة حكم العسكر وقبلها بحضوره الدائم في ميدان التحرير للإطاحة بحكم حسني مبارك لتعرف قصتها بعد موتها ربما تكون عبرة للكثيرن ونقطة ضوء في هذا العالم المظلم بالحروب والكره وبالقتل والتناحر .
علمتنا سلوى أبو النجا درسا في الإنسانية في بلد لا يأبه كثيرا بالإنسان إذ يعيش فيه الفرد بؤسا إجتماعيا تحت ظلّ فساد رجال الأعمال وحكم العسكر ، في بلد يفصل بين أغنياءه وفقراءه خيط شفاف جدّا ، يموت الفقير وهو يعافر من أجل لقمة العيش دون أن يذرك نكهة الحياة يوما منذ ولادته ربّما لم يسند ظهره ليستمتع بشيء ما بل من أجل أن يستريح قليلا ليعود إلى العمل الشاقّ .
ماتت سلوى في مصر ذاك البلد الذي تتقاتل فيه أطراف سياسية إحتكرت مصر وأهلها وكل منهم يقول أنا الأكثر وطنية ربما يقول الأكثر دموية فإختلطت علينا المفردات وأصبحت الوطنية تضاهي الدموية يقتل العسكري الإسلامي ويقتل الإسلامي العسكري ويدخل المدني أتون لعبة الدم فيصبح دمه هباء منثورا وقابلا للمزايدة في سوق السياسة .
ربّما يستغرب البعض كيف يمكن أن تنجب مصر مثل سلالة ” أنجيلينا جولي ” إمرأة مصرية خالصة تنتصر لإنسانيتها وقيمها النبيلة ولا تنتمي للعالم المتقدم لأمريكا وأوروبا ، فنحن مجتمعات لا تفرّخ سوى الإرهاب وداعش والقاعدة والحوثيين وبوكو حرام نستفيق يوما على إنفجار لغم في لبنان أو في سوريا على أخبار الرجم وقطع الأعناق وأحكام الجزية وشيّ الجلود وبقر البطون فكيف يمكن أن تعيش بيينا إمرأة وهبت نفسها من أجل قططها أجمل ما تملك .. من رحمتهم من بؤس الشارع فضمتهم قطة قطة إلى بيتها تقتسم معهم الخبز والدفء وإقتسمت معهم الموت أيضا .
رحلت سلوى أبو النجا وهي لم تعرف أنّها ستظل أسطورة الرحمة في مجتمعات فقدت الرحمة بين أبناءها فتقاتلوا وأسالوا الدماء وهجروا الأطفال وإغتصبوا النساء وكبروا وهللوا للعمليات الإرهابية التي تستهدف السيّاح بدعوى أنّهم كفار … وربّما ستكون سلوى إمرأة ثانية ستدخل الجنة ” كما إمرأة الحديث النبوي الإسلامي ” في قطط رحمتهم واوتهم من البرد والحرّ وواصلت رسالتها في النبل والإنسانية لتموت معهم مختنقة بدخان النيران المشتعلة في بيتها غير ابهة بالحياة الرخيصة في مجتمعات الجنوب والتي يقتل فيها المدني ويذهب في صراعاتها ضحية لأنّ العسكري يريد أن يحكم والإسلامي يوّد أن يحكم أيضا .
كتبت خولة الفرشيشي