تصدرت مايا خليفة عاملة الجنس اللبنانية مواقع الأخبار العربية ومحرّك البحث العالمي غوغل بغاية البحث عن قصة حياتها وأخبارها وتناقل صورها والتعليق عليها في الشبكات الإجتماعية وإستهجان عملها في المواقع الإباحية .
رغم الإستهجان المفرط لمايا خليفة وتصدير عقد الشرق على جسدها لا يخفى على أحد أنّ نسبة هامة من العرب ترتاد المواقع الإباحية نظرا للكبت الذي تعيشه هذه المجتمعات فمازال الجنس من التابوهات التي لا يستطيع أحد الخوض فيها أو النقاش حولها حتى بين الزوج وزوجته كي لا يفقد الرجل هيبته ولا تفقد المرأة عفتها وحياءها.
من النادر أن تجد عائلة من العائلات العربية تؤمن بجدوى التربية الجنسية حتى لا يقع أبناءها في المحظور سواء الحمل خارج الأطر الشرعية أو الإصابة بإحدى الأمراض المنقولة جنسيا ، فالعربي مازال يتعامل مع جسد المرأة بنظرة تقديسية فالجسد الأنثوي عنوان للطهارة والعفة أو عنوان للعهر والفساد الأخلاقي “وقد أشرت إلى هذا في مقالات سابقة ” في هذا الإطار تمّ تدوال إسم مايا خليفة أو تمّ تداول جسدها وكيل السباب والشتم لها رغم أنّ بعضهم يشتهي أن يحظى ولو بقبلة منها فهذه الفتاة قد خرجت على تقاليد القبيلة (في حقيقة الأمر المجتمعات العربية هي مجرّد قبيلة لم تتطور بعد ولم ترتقى إلى أن تصل إلى مرتبة الشعب) وتمرّدت مايا خليفة على الأعراف السائدة وجاهرت بعملها المقنن في دول أوروبا والتي يحج إليها أثرياء العرب لنيل المتعة ولو مع عربيات لا يجمع بينهم وبينهن سوى متعة تدفع بعملات الخارج.
ثورة وهيجان العرب على مايا خليفة وعملها يكشف حقيقة الكبت التي تعيشه هذه المجتمعات والتي يمكن أن تقوضها وتفجرّها جسد عربية عار من الملابس وعار من مبادئهم .. هيجان وغليان في صفوف الشباب والكهول والشيوخ والنساء أيضا فهي فرصة لبعض النساء أن يتبارين في إبراز شرفهن وهو شرف العائلة والمجتمع المناط بعهدتهن في إنزال اللعنات على الفتاة اللبنانية التي صرّحت أن إنتخاب رئيس لبناني والتصدّي لداعش أهم من مراقبتها .
جسد مايا خليفة يطيح بقضية الشرق الاوسط وبالنزاع القائم هناك وبجرائم داعش وإنتهاك حقوق النساء والأطفال وبقضية الجوع في الصومال وبموت الأطفال في عواصف ثلجية ببعض الدول العربية .. مايا خليفة هي فرصة أخرى لفهم العقلية العربية التي إنبنت أساسا على الجنس محرّك الموت لا الحياة فمن تحدّث فيه أو مارسه على غير الأعراف السائدة يقتل كما رجمت الفتاة على يد داعش وكم لعنت مايا خليفة التي تتربح بجسدها وهو أمر يخصها وحدها لا أحد سواها وقضية مايا خليفة أيضا كشف عقدة العربي تجاه الجسد الأنثوي فرغم أنّه في القرن الواحد والعشرين مازال يعتقد أنّ الأنثى ما تزال ملكا خاصا لا يمكن التصرّف فيه عليه رسم الشرف وعليه يقبر العار بالقتل أو الرجم ولو تسنى للبعض سيرجم مايا خليفة لا لأنّها زانية بل لأنّه لم ينل نصيبه فيها ولكنّه يتحرج عن قول هذا فيصمت ويكفهر ويقتل حتى لا يقال أنّه خارج عن القبيلة .
خولة الفرشيشي