سبق وأن تناولت السينما التونسية موضوع المثلية الجنسية بإقتضاب في أفلام طويلة ، كخشخاش للمخرجة التونسية سمى بكار في دور لعبه الممثل التونسي رؤوف بن عمر ، ولكن لم يحدث أن يطرح فيلم تونسيّ مطولاّ ، قضية المثلية ويغوص في أعماق المثلي كإنسان بعيدا عن القيم الأخلاقية التي تحكم المجتمع التونسي ، في هذا الفيلم حاولت المخرجة التونسية سنية الشامخ تقديم صورة الإنسان المثلي بصورة مغايرة عن الصورة الاجتماعية ، وكأنّها تحاول إنصاف هذه الفئة التي مازال يهضم حقها في تونس وقد تمّ عرض الفيلم في مهرجان أيّام قرطاج السينمائية ونال إستحسان الجمهور والنقادّ وأشادت به الصحافة التونسية.
تدور أحداث الفيلم في ساعة ونصف حول صراع تعيشه شخصيات الفيلم ، بين الحرية والسجن ، بين التحرّر والإنعتاق وبين الرضوخ والإنقياد ، بين الجموح والطموح وبين الخمول والكسل ، يروي الفيلم قصة الممثلة الشابة هند الهاربة من بطش عائلتها من إحدى ولايات الساحل التونسي لتتزوج بتوفيق مخرج مسرحي الذي نفذ لها رغبتها في مزاولة التمثيل المسرحي والتي قبلت به رغم أنّها لم تحبّه ، وتلعب هند دورا رئيسيا في مسرحية من إخراج زوجها توفيق وتدور أحداثها حول الحياة الأسرية لهند وأخيها مهدي الفنان المثلي الذي صاحبها في رحلة الهروب من السجن العائلي ومن النظرة الدونية التي تلاحقه في قريته ومن اضطهاد أخيه الأكبر الذي تحول من منحرف إلى متشدد ديني .
يغوص فيلم “عزيز روحو ” في حياة مهدي الفنان المثلي من الحياة الأسرية وعلاقته بأخته هند ومدى حنوه عليها في ظروفها الإجتماعية القاسية وحياته الفنية والإجتماعية وفي تفاصيله الصغيرة تلك التي لا يراها الإنسان العادي والذي يكتفي بالسخرية منه في الشارع أو لعنه والإشمئزاز منه .
في مشاهد جريئة تقدّم سنية الشامخ علاقة مهدي بزياد حبيبه وبين تمزقه في الرضوخ إلى سلطة المجتمع الأخلاقية والزواج بإمرأة ربما ينجح في إنقاذ نفسه من كره الناس له رغم حبّه لزياد والذي قتله في نهاية الفيلم دون أن يعلم أنّ مهدي ضحى بحبّ خطيبته من أجله .
كما طرح فيلم عزيز روحو مشاكل المرأة التونسية ورغبتها في التحرر والإستقلال بذاتها بعيدا عن الرقابة العائلية والإجتماعية التي تقمع حريتها بإسم العادات والتقاليد بطريقة فنية وبسيناريو محترم وبصور مختلفة وبأداء ممتاز لطاقم الممثلين جمال المداني وفاطمة سعيدان وعائشة بن أحمد وغيرهم من الممثلين الذي أضافوا الكثير للفيلم التونسي عزيز روحو الذي ينبئ بمولد مخرجة سينمائية كبيرة ستضيف إلى السينما التونسية الكثير برؤيتها المتجددة والمتفرّدة .
كتبت خولة الفرشيشي