arablog.org

حديث عن الأمّ دون مناسبة !

أترنم بأغنيات الأمهات وتلك التي تتغنى بهنّ ، متى سأصبح أمّا ، أسأل نفسي ، لا أبحث عن الإجابة كثيرا ، يكفي أن أكون أنا : إمرأة بقلب أمّ . وقلب الأمّ ينافس المحيطات والأنهار إتساعا وكبرا .
ليتني كنت أمّا .. لا أريد شيئا سوى أن أضمّ إبني إلى صدري أهمس له في رفق أنت حبيب ماما وقلبها وأنت أنيسها ورفيقها .. لا تتركني حبيبي وإغفر لي إن أخطأت .

الأمهات اخر أسرار هذا العالم سرّ معقد غامض وسحري لن تكتشفه الحداثة وما بعدها ، الأمهات مدد المحتاجين والمشردين والمعذبين ، رحماك أمّي تكفي أن ينطقها طفل مهما شاب وبلغ من العمر عتيّا ستأتيه أمّه وتقول : لبيك بنيّ .

إسألوا المشردين والمجوعين والمنفيين وهؤلاء المسجونين وحتى التائهين أين يسكن الله الذي يحقق الأمنيات : سيجيب الجميع : في قلب أمّي .. في قلب أمّي يسكن الله . ليتني أصبح امّا حتى يسكنني الله .!!!

merya

أمّي ، ماما ، كم فرحنا ، أنا لا أقصد نفسي منهن أنا لست منهن ، أنا أقصد هؤلاء الأمهات اللواتي فرحن حين نطق أطفالهن كلمة أمّي ، وكأنّها اخر المعجزات وأجمل الكلمات وأولى المفاتيح لفتح القلوب وغزوها هي كلمة البدء في إكتشاف الحياة حين تكتشف المرأة أنوثتها وخصوبتها وحين يكتشف الطفل أنّ العالم يسكن حجر أمّه ونهدها وصدرها وحضنها والعالم هو رائحتها وطعم أنفاسها وقبلاتها والخروج عنها يعني أن ينفى الطفل ويشرد مهما عرف من النساء ألوانا وأشكالا لن تكون واحدة بروح أمّه وحنانها ورقتها ، فأكل أمّه وقهوتها وحتى كسرتها أشياء فوق الوصف والخيال .
نحن لا نحبّ أوطاننا حقا كل ما في الأمر نحن نحبّ أمهاتنا نحن نحبّ فلسطين من أجل الأمهات هناك ونحب تونس من أجلهن هنا وكلما عمرت الأرض بالأمهات كلما زدنا إنتماء إليها .

ما معنى أن تكوني أمّا أتسائل بجديّة وأجيب بجدّية بالغة : أن أكون أمّا معناه أن أثق في إبني وأؤمن به كما يؤمن … سأعيد كلمات غسان كنفاني لغادة السمان ،نفسها نفس الكلمات تقريبا لا يهمّ ، أن أكون أمّا معناه أن أكون رفيقة، طيبة ،مسالمة ، هادئة وأكثر من الإبتسامة إنّ الأطفال لا يتذكرون إلا الإبتسامات حتى تلك الإبتسامات العابرات في الأزقة والشوارع .

كتب عن الأمّ الكثير مكسيم غوركي وعبد الرحمان منيف ومحمود درويش وسميح القاسم والكثير الكثير ، ولم يصل أحدهم إلى الحقيقة : حقيقة ما الأمّ حقا .. الأمّ في معنىاها تشبه الشعر والرسم والمطر والنحت ويختلط بالسماء والأرض وينمو بينهما .

حين يكرم الله المرأة تصبح أمّا كما أصبحت مريم أمّ المسيح أمّا ، وحين يكرم الله إمرأة يصبح قلبها نابضا بالحبّ كما نبض قلب الأمّ تيريزا وأنجيلينا جولي اليوم ، وحين يحبّ الله إمرأة يمنحها الأمومة لا يهمّ إن كان الطفل من رحمها أو لا ، الأمومة هي اخر نقطة في سلّم الأنوثة والأنثى ليست تلك تبرز نهديها في فستان مشقوق بل تلك التي تلقمها لطفلها الرضيع ليشبع ..

الأمّ أجمل الكائنات ومن أحبّها الله يرزقها الأمومة وحبّ الأطفال وشغفهم .

كتبت خولة الفرشيشي

medt

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *