arablog.org

ترجلّ أولاد أحمــــد عن صهوة الشعر وترك القصيدة يتيمة !

في الأمسية التي كرّم فيها أولاد أحمد بمعرض الكتاب الأسبوع الفارط والتي لم تشهد حضوره جاءنا الخبر أنّ حالته الصحية متدهورة ورغم ذلك حضر جمهو ره وأصدقاءه وأحبته ، غاب أولاد أحمد وحضر من يحبهم ويحبونه لتكريمه وهو على قيد الحياة ويهب اليوم بعض احبته من داخل الخضراء وخارجها لتشييع جثمانه .. فهل الموت موت أم حياة تنبعث من جديد من حطامه فكيف لأولاد أحمد أن يترجل عن صهوة الشعر والكلّ هنا يحفظ بعض أبياته عن ظهر قلب !؟

ترّجل الشاعر أولاد أحمد عن صهوة الشعر ليترك مكانه شاغرا ورحل يوم بأمسبعد صراع مع المرض ، هزمه الموت وإنتهى إلى التراب الذي عشق كل ذرّة منه عاد إليه اليوم سعيدا ستلتحف تراب الخضراء حبيبتك الأزلية وستزف لها اليوم شاعرا وعاشقا وفارسا ألم ترد موتا مختلفا لا يليق إلا بك .
وأنا أريده موتا مشاعا
موتا عموميا..كما يقال
موتا منتجا..بلغة اقتصاد السوق
موتا يدعّم أواصر الأخوّة، والتعاون المتبادل،
في كنف الانسجام التامّ والثقة المطلقة، بيني
وبين التراب الذي جئت منه لأعود إليه »
(الوصية)

marssel

هل هزمك الموت وهل يهزم الشاعر ؟ ، يجيب درويش منتظرا مجيئك ليراقص حمائم روحك : هزمتك يا موت كلّ الفنون ، فلنسأل دواوين الشعر والشعراء وأسراب العشاق وأشجار شارع الحبيب بورقيبة ومقاهي العاصمة ونوادي الثقافة وحمائم البلد ، لنسأل كلّ أحبتك يا أولاد حمد هل حقّا رحلت وتركت البلد .؟
هل مات الصغيّر أولاد حمد ، هل مات ذلك المتمرّد المتفرّد ؟؟ ذلك الذي لا يعرف سوى أن يكون نفسه شاعر فوق التوصيف أو التصنيف ، هل حقّا رحل شاعر البلاد ؟؟ تونس التي أحبّها صباحا ومساء ويوم الأحد تلك التي غاص في تفاصيل يومها وذاب في ثنايا ليلها بين منصات الشعر وحاناتها بين رفاقه وأصدقائه ، واليوم يرحل وحيدا ، وحيدا دون أحبته ودواوين شعره ، تاركا كلمات القصائد ذخيرة عشاقه وكلمات إبنته يتيمة دون أب ، كيف ستستفيق غدا من دونك يا أولاد حمد ؟ وكيف سيستفيق عشاقك من صدمة رحيلك فقد أصبحوا بعدك يتامى ، وهل يكفي أن يتقبل أهلك العزاء أمّ أنّ البلد كل البلد تقبل العزاء فيك ؟
من سيتصدّى لجحافل الظلاميين والرجعيين ومن سيقول بأعلى صوته منتزعا خوفه وحساباته محاربا موجها بوصلته نحوهم بشجاعة مقاتل إغريقي موجها إصبعه لهم بوضوح شعاع الحقيقة : لا أحد يملك حياة أحد ولا أحد يملك ضمير أحد ولا أحد يملك أحد :
إلهي أعني عليهم
الهي لقد تم بيع التذاكر للآخرة
ولم أجد المال والوقت والعذر كي أقتني تذكرة
فمزق تذاكرهم يا الهي ليسعد قلبي
ألم تعد الناس بالمغفرة؟
(جنوب الماء )
رحماك إلهي لقد جاءك الصغيّر شامخا مترجلا عن حصانه فخذه إليك لقد غدروا به مرّات وهو على فراش المرض تشفوا به أصحاب العمامات السوداء في مرضه وشحوبه ونحوله ولم يرّد عن الاذية مترفعا،قالوا فيه كلاما موجعا فلم يكتب إلا للوطن والحرية ولم يختزل المعركة في شخصه فيبنه وبينهم قضية ومصير بلد .. خذه إليك إلهي وإحتضنه برفق فقلب الشاعر مرهف .
من سيقارع الإرهاب بالشعر ويخيف الظلاميين بالكلمة ومن قصيدة منفلتة لا تحترم التوافق والتخاذل ومن سيفضح أنّ الإرهاب أسود لا يقتله سوى البياض والوضوح .
لم يفوّت طيلة حياته الماضية 61 سنة مرّت دفعة واحدة ، كلحظة سريعة من الحبّ والمرح والعشق والوطن ، إختزل في جسده النحيل السموّ والعلياء ، وإندلقت روحه بين كؤوس العشاق فحبّروا إلى حبيباتهم بكلمات الصغيّر وغازلوا النساء على طريقة الصغيّر ، أيها التونسيون ، أيها الأمميون لقد رحل الصغيّر أولاد حمد ، أيّها الشعراء لقد نقص من الشعر قطعة فمن سيقدر على ترميم غيابه ؟
من سيراوغ السخرية بأناقة الكلمة وبتوهج صاخب حتى يصل المعنى باكيا وباسما ؟من سيؤثث غيابك أولاد أحمد ومن قال أنك ستغيب عن سماء الشعر .. وداعا شاعرنا !

awledd

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *