arablog.org

داعــــش مـــنّا وإليــنا

صار الحديث عن التنظيم الديني المتشدّد ” داعش ” من العادات المكتسبة في تفاصيل يومنا عن جرائم القتل والإرهاب تحت راية الدين .. داعش الذي أصبح نجما إعلاميا يتناول بالتحليل والإدانة بثنائية تقديس الدين وتدنيس الإرهاب دون أن يحرّك أحد  ساكنا بالقراءة في تاريخنا العربي الإسلامي بخروقاته المادية التي نالت من روحانية الدين وسلميته ..

أليست جرائم داعش إمتداد لما بدأه الأسلاف في مسيرة القتل لرفع راية الإسلام .. ألم يقتلوا عليّ بن أبي طالب من رفع صوته عاليا ” أشعر قلبك الرحمة للرعيّة والمحبّة لهم واللطف بهم .. ولا تكن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم فإنّهم صنفان : إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل ويؤتى على أيديهم في العهد والخطأ ، ولا تقولنّ إني مؤمر أمر فأطاع ، فإنّ ذلك أدغال في القلب ومنهكة للدين وتقرّب من الغير ” ألم يمت عليّ مقتولا على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخارجي والذي رأى في عليّ عدوا وخصما بعد حادثة التحكيم مع معاوية .. هو نفسه المسلم الذي قتل أخاه المسلم لأنّ السياسة فرّقت بينهم .. فلما التعجبّ من داعش وجرائمه وهو الأوفى لمسيرة الأسلاف ؟؟

ترى هل حرّك أحد  منكم أيّها المسلمون ساكنا أمام قتل الأبرياء في دول غير إسلامية ؟ لماذا يرفع الصوت عاليا حينما يهدّد المسلم في حياته ولا يرفع حينما يسحل المسيحي واليهودي والهندوسي والملحد في دول أخرى أو في دول ذات أغلبية مسلمة .. وهل كان حقّ الحياة فرضا على المسلم دون سواه .. ؟؟

ترى لما لم نشاهد إستنكارا لما فعله الداعشيون في حقّ مسيحيّ الموصل أليسوا من أهل الوطن أو عندما يدخل الدين في قيم المواطنة يصبح المسيحيّ مواطنا درجة ثالثة في دولة مسلمة .. هل مازلتم تحفظون أحكام أهل الذمة وجزيتهم ليسلموا من بطش الحاكم المسلم .. ؟؟
هل تناسيتم ما فعله مسيحيّو الشرق في تطوير الثقافة العربية ودورهم في الثقافة والفكر والأدب والفنّ في الحضارة الإسلامية؟

في الوقت الذي يقتلع فيه المسلمون جذور المسيحيين من دولهم  يزرع هؤلاء الثقافة ويحصد الاخرون ثمار إبداعهم .. هم شركاء في حماية الثقافة العربية في العصر الحديث من الذوبان والتهميش في ظلّ عصر العولمة وقائمة الأسماء تبدأ بإدوارد سعيد وفيروز ولا تنتهي أبدا .

داعش ليس تنظيما دينيا متشدّدا بداخل كل فرد فينا داعشي صغير ينمو ويغفو أحيانا وإزدواجية خطابنا ومواقفنا تبيّن أنّنا داعشيون بإمتياز .. داعش ليس غريبا عنّا هو منّا وإلينا .. الحداثيون نسخة منقحة عن الأصوليين يختلفون عنهم في القشور ولكنّهم يتفقون في اللبّ يختلفون كثيرا في الطرق ولكن يسلكون نفس الطريق .. !

داعش هو الشخصية الباطنة لكلّ مسلم لم يقرأ ولم ينقد بل رضي أن يكون التلقين والتصديق علاقته بالعالم وما يحيط به ولكن يتظاهر أنّه مدين لأفعال داعش ولكن إن توفرت الفرصة سيمارس ما يمارسه هذا التنظيم إما نظريا أو تطبيقيا بشرط أن لا ينال الأذى من الحاكم العربي فالجبن والخوف صفة الداعشي .. يبحث كلّ مسلم عن الخلاص في الطواف أو النقاب من أجل الجنّة التي لا تتسع لسواهم كما لا تتسع الأرض لسواهم .. داعش مجرّد حقيقة صغيرة عن بعض الذين لم يدركوا بعد أن الدين لله والوطن للجميع .. وأن الحياة أرحب بالعلم !!!

كتبت خولة الفرشيشي

da3

4 Comments

  1. zinegheboulizineghebouli

    أتفق معك في الكثير. أعتقد كذلك أن داعش ضريبة الخطاب الديني المتشدد الذي يدعو إلى محاربة الكفار. كشاب مشارك في العديد من المنظمات الغير حكومية، لطالما حذرت رفقة زملائي من الخطاب الديني القائم على التفرقة العنصرية. لقد نددنا كثيرا بأنهم يزرعون قنابل موقوته ستنفجر يوما في وجوههم و يا ليتها انفجرت في وجههم فقط بل قد افنجرت في وجه كل العالم. لقد فرقوا الناس في العراق و سوريا، قتلوا المسلمين و هجروا المسيحيين و كما قلتِ: كأن المسلم وحده من يملك الحق في العيش و الحياة! داعش ستزول لكن ثمن هذا الزوال سيكون غاليا. الوسيلة الوحيدة لمحاربة مثل هذا الفكر هو بانتاج فكر مخالف يعتمد على الوسطية و الرحمة و هذا ينطبق على جميع الأديان. شكرا لك على هذا التدوينة المميزة!

    Reply
    1. khaoulaferchichikhaoulaferchichi (Post author)

      أشكرك على تفاعلك النبيل مع ما خططت .. شكرا لأنّك تحفزني على الأفضل سأكون دائما في مستوى تطلعاتكم .. شكرا جزيلا !

      Reply
      1. zinegheboulizineghebouli

        لا شكر على واجب، من واجبنا تحفيز الزملاء و الزميلات 🙂 لكي أكون صادقا معك، شعرت بانغماسي في الموضوع و كأنك لمسحت الجرح الدفين داخلي، فأنا أشعر بالحزن و الأسى عندما أشاهد أفعالهم. العفو 🙂

        Reply
  2. عبدالحليم الصلاحيعبدالحليم الصلاحي

    العنف ارتبط ارتباطا عضويا بالوجود والتوسع الديني بشكل عام ، والمحصلة هي صراع اقتصادي وطبقي يرتدي في كل عصر اللبوس الذي يناسبه .

    Reply

اترك رداً على zineghebouli إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *